يا رسول الله

……………………

قصيد المجد منتصب أمامي 

على وشي الحبيب إلى الدوام 

حبيبي في شعوري شفته حسنا

 على تيجانه المحمود سامي 

زهوت السلم من بطن الحجاز

 إلى كون مليء بالظلام

عروش الله في قمم التهاني 

 وروح القدس في أرقى السلام 

فماذا لليراعة والسطور

خيالي في الكآبة والهمام

يروّي كل قرطاس وشعر

فأنت المشرع العالي التمام 

أنا في الهلع والتنكيل دوما 

على سجن الغباوة والخصام

عصافير وشحرور تغني 

 بمدح الخير في لطف الكلام 

دهشت بليلة ظلماء تيها

 إذا الاجواو مترعة الظلام 

طرقت ببابك العالي كراج 

 وأشدوا في جوارك بالسلام

بك الأوثان تلتهم الفناء

إذا النيران خامدة الضرام

 زيانك لا قرين لاتّسام

 به الأقمار وجهك باستلام

تنانير الجمال بك السيول 

 إلى الآفاق في حسن النظام 

وأشجار يذل لها اللسان 

 أمامك بالخضوع وبالهيام

يُصفّق كل كون بالسرور 

إلى يوم المعاد كذا القيام

بك القران في الانحاء شاذٍ

 وشادٍ بالبروعة والكرام 

تُسرّد كل أصحاب كعقد 

 نضيد بالتعايش والوئام 

ومذ تمشي الى الأصحاب دينا 

تنور فيهمُ بدر انسجام

أرفرف في جناح الروح شوقا   

على أرض المدينة كالحمام

 إذا أقدمت فالغبراء تهني 

بخير الخلق من حسن التسام

إنه الله

………………….
يراودني سؤال يجعلني أجلس في تلك الزاوية متحيراً.
لماذا كل شيء أحببته وتعلقت سعادتي به يذهب سُدي في مهب الريح كأنه لم يكن معي بالأمس؛ تتلاعب بي الأفكار وينفرد بي شخص واحد يود أن يراني متزعزع وحزين، تُراه من سيكون ذلك الشخص؟ إنه إبليس يود أن يجعلني أري بأن الله لا يحبني، لأنه لو كان يحبني ما كان أخذ مصدر سعادتي؛ لدرجة تجعلني أتغافل عن أن أساس المنع هو أساس الرحمة والعطاء، لأن إذا أوجدت الرحمة تواجدت المحبة؛ لكنه يود بكل قوته أن يُهيمن علي عقلي ويجعلني أنساق وراءه وفي لحظة يأس وأنا جالس في تلك الزاوية مُحاطاً بكل تلك الأفكار السوداوية عن الإله.. أجد رحمته تمتد إلي وكأن صوت داخلي يجعلني أستفيق من غفوتي ويُخبرني مهلاً؛ هل أنت حقاً مقتنع تمام الاقتناع بأن هذه الأشياء مصدر سعادتك؟؟ أخبره بأنين نعم وإلا لماذا أنا أُبكي عليها الأن!! حسناً أخبرني ما الذي أوحي إليك بذلك؟ الأسباب.. أسباب تواجدها في طريقي عن طريق الصدفة لم أفتش عنها ولا أبحث عنها ولا ركضت وراءها يوم؛ الم يكن ذلك كافي لكي تتوفر لدي القناعة بأنها ما وجدت محض الصدفة وإنما وجدت من أجل سعادتي والعوض عن كل ما مضي.. سكون تام وكأن الصوت الذي كان يُحدثني رحل، ناديت عليه وسألته ما الذي أسكتك؟ أسمع صدي صوتي يتردد دون أن تأتيني أجابه؛ أبتسم بسخرية وأخبره أراك عجزت عن الرد.. يخبرني لم أكن عاجزاً عن الرد ولكنك أخذت با الأسباب وتغافلت عن رب الأسباب؛ إن الله لم يخلق شيء عبثاً ولم يضع أشياء في طريقك محض الصدفة، ولم يسلب منك سعادتك.. ولكن الله يعلم أسباب سعادتك لذلك وضع تلك الأشياء في وقتها المناسب، لكنها حتماً لن تبلغ معك نهاية الرحلة فاليوم تُسعد بهذا وفي الغد تُسعد بأخري؛ ولم تكن بعد هذه اللحظة الذي سُلبت منك هي مصدر سعادتك فلو أكملت معك سوف تكون مصدر تعاستك؛ لذلك يسلبها الله منك ولكي يعلم هل قلبك تعلق بها هي أكثر أم متعلق بالله الواحد الأحد لأن الله عز وجل غيور علي قلوبنا.. هل ستفقد صوابك لضياعها أم إنك مؤمن أنه ما أخذ إلا ليعطي الأكثر حتي يري الله فيك الآية ” فأنقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ” ” ال عمران: 174 “
أي لما توكلوا علي الله كفاهم ما أهمهم.. ومن بعدها سوف يُكافئك بما يُنسيك مرارة ما فقدت، لكن في بادئ الامر عليك بالصبر والاحتساب؛ يظهر علي محايي معالم الغضب وقبل أن أتفوه بما في داخلي، يسكتني ويخبرني أعلم سلفاً ما سوف تقوله! حتماً لم أقصد أن أخبرك بأنك لا تحزن فأنك بشر ومن حقك أن تتألم لما فقدت لكن لا تيأس وتظن بالله الظنون؛ فلولا أن الله عز وجل يعلم عظيم صبرك علي ما فقدت ما خلق من أجلك باباً في الجنة يدخل منه الصابرون.. مخصص إليك وحدك، أخرج من تلك الزاوية وأصبر وأحتسب وأعلم بأنك في عناية الله عز وجل وأن الله ما أراد لك إلا كل خير.

المقامة المطرية

حدثني سنان بن رشيد قال: خرجت في نهار ناضر، والنسيم بين الأزهار عابر، فإذا السماء قد جمعت الغيومَ كمن يُخفي الأسرارَ في المحاجر، وتلبّدت بالوعد الباكر، كأنها رسولٌ بالبشرى ناذر، ثم هبّت الريحُ بعبير عاطر، وتمايلت الأشجار كأنها في نشيد باهر، وتلبدت السماء بسواد ساحر، حتى بان البرق في الأفق زاجر، والرعد دوى بصوت هادر.

رأيت الزهر يبتسم في انبهار، كأن المطر بعث فيه حياة بعد احتضار، والسنابل ترفع رؤوسها بشكر وافتخار، وكلّ ما في الأرض نطق بالابتهار. فلما صفا الجو من الغبار، وارتوى الثرى بعد انتظار، بدا وجه الأرض كعروس في ليل افتخار، قد لفت بحلل من ندى وأزهار.

هو رسول الطهر إلى القلوب التي لوّثها الغبار، وهو غيث البسط حين يضيق القرار، وفيه رسالة العزيز الجبار، أن من بعد القحطِ يأتي الإثمار، ومن بعد الغياب يكون الانبهار. نظرت إلى السواقي وهي تهمس للأنهار، وتهمي كنظم الدرر، بلا استعجال ولا انكسار، فقلت: سبحان من أنطق الماء بلا لسان، وأجرى الدمع من عين السماء على وجه التراب المغبر.

كل قطرة تنزل بأمر من العزيز القهار، وكل رمشة برق تسبق دعوة سحاب بالإيثار، فتسير جيوش الغيم كالرسل إلى الصحارى والقفار، تحمل المدد لمن تألّم بالجوع والعري والانكسار.

أينشتاين يسقط في جاذبية الحب

سرتُ بكِ على الدرب، ملكًا بصولجان، واثق الخطوة، تخشع لي الكائنات. توجتكِ ملكةً على عرشي، ألبستكِ الحرير والاستبرق، ومددتُ راحتي بساطًا لقدميكِ، فلا جبٌ سحيق يهوي بكِ، ولا بيداءٌ تفقدكِ بين الوحوش. كنتِ محور الكون، وكنتُ الفلك الذي يدور حولكِ، شمسًا في مدار لا يغيب، ونجمًا ثابتًا في سماء لا تعترف بالتبدّل. لم يكن لي رغبة في شمسٍ تستقل، أو كوكبٍ ينفصل عن مساره. كنتِ مركز الجاذبية، وكنتُ أسير في مداركِ، لا أشكُّ في أنني وجدتُ نقطة الاتزان الوحيدة في هذا الوجود المتشظي.

أضيء لكِ دربك بمشكاةٍ تُشعُّ بنورٍ لا يخفت، نورٍ يرقص على خيوط الفجر، فيتألق بين لهيب عينيكِ النجمية واختيال خطواتكِ الطاووسية. كان دربًا حيًا، تنبت فيه الأزاهير، وتصدح فيه البلابل على خرير ماء السلسبيل، تتردد كتراتيل داوود بين جدران القصر الذي شيّدته لكِ بدموعي وأمنياتي. أسكنتكِ قصري، حيث تدور الكواكب في فلكه، بعدما أعلنت شمسه يوم استقلالها، فلم يعد لها سيدٌ غيركِ. كانت العوالم كلها تنحني لكِ، وكان القلب قارةً لا تستقبل سوى هطولكِ.

لكن، غيمة خفيفة بدأت تتسلل، لم أدركها في البداية…

كانت ليلة صافية، غير مثقلة بالغموض، لكن وقع خطواتكِ بدأ يختل. لم يعد له ذات الرنين، ذات الثبات، ذات الإيقاع الذي حفظته روحي. أصبحتِ تسيرين برتابةٍ خافتة، كأنما تتحاشين أن يلحظكِ الكون وأنتِ تخططين للرحيل.

بدأتُ أستشعر الفراغ يتسلل بيننا، كهواءٍ بارد لا يُرى لكنه يوجع الجسد ويقشعر القلب. كنتِ هناك، لكنكِ لم تعودي كما كنتِ. لم يعد النبض واحدًا، ولا المدار ثابتًا. ثم جاءت الصوتيات الجديدة – الطبول، المزامير، نوتات الرحيل التي كنتُ أجهل لحنها. كانت الأرض تتهيأ لرحيلي عن عالمكِ، وأنا لا أملك إلا أن أقف هناك، أستمع لكلمات لم تكن لي، وأراقبكِ وأنتِ تفتحين كتاب الرحيل، وتمزجين لي طلاسم الفراق، تدونينها كأنما هو قانون لم يعد يقبل المناقشة.

كنتُ أقف على عتبة النهاية، أنتظر امتداد يديكِ التي لطالما كانت ملاذي، لكنهما لم تمتدّا.

كان زفيركِ يحرقني، وسيفُكِ يُشَعشعني، فكيف أردُّ سطوعه قبل أن يخترقني؟

قلتُ لكِ، وقلبي يذوي: “لمَ تختمين أكتافنا بوشم اليباب؟ ألم يؤنسكِ حبي؟ لمَ الرحيل؟ أتريدين أن ننظر معًا في وجه الفناء؟ أن نتلمس طريقًا أعمى إلى جحيمٍ لا نجاة منه؟”

لكن القصر بدأ يتفكك من حولي، لبنةً تلو أخرى.

سقطتُ على الأرض، وصرختُ بصوتي المحترق: “انزعي عن جسدكِ ثوب خطتكِ العمياء، لا ترحلي، سأحترق، سأتمزق، سأنهدم.” ونكستُ رأسي تحت قدميكِ، سفحتُ دموعي على موطئكِ، قلتُ برجاء “سوف تهجر الملائكة مطايا حمام قصركِ، ستترك الطيور أوكارها، وتجف الأنهار، ويهوى القصر فوق كل الأبرياء. ألا ترين كيف يتحطم كل شيء؟”

لكن ردّكِ لم يكن صوتًا، كانت نظرة جامدة كالصخر، ثم ابتسامةً خافتة فيها مرارة لا أقوى على فهمها، كأنما كنتُ أطلب المستحيل. ووطئتِ رأسي حتى عبرتِ باب الرحيل.

انتظرتُ، قلتُ قد ترجع. لكن الزمن بدأ يجرني على نسيجٍ من جمر، يجلدني صراط الانتظار، كل ثانية تمر تسرق عامًا من عمري، كل لحظة تُحرّق جزءًا مني، حتى تحولتُ إلى رمادٍ متناثر فوق البلاط الذي كنتِ تمشين عليه. لم يعد هناك صولجان، لم يعد هناك عرش، لم يعد هناك قلبٌ يتنفس سوى على الهامش.

فجأة، طُرحتُ في ثقبٍ أسود، كسمِّ الخياط، التهم كل شيء، ولم تسمع أذني سوى لُهَب نيران تأكل نفسها.

لقد تحول القصر إلى أطلالٍ خاوية، ولم تعد هناك شمسٌ تدور حولي، ولا كواكب تعلن الولاء. لم أجد سوى مركبة الأحزان، أقلتني نحو أفقٍ مشوه، ووقعتُ تحت جاذبية الثقب. تباطأ الزمن، فهرمتُ قبل أن ألقي حتفي فيه. ثوانٍ مرت، لكنها انتزعت من عمري سنين، شابت فيها عواطفي، وانحنى ظهري، وتدلى جفني، وضعفت عظامي أمام ثقبٍ تكون من نيران الرحيل.

ذهب العمر هباءً، وما كان وعدُكِ إلا شبحًا، ولم أدرك نفسي إلا عندما أخبرني العدم: “هنا، حيث لا نهاية للجاذبية، ولا مفر من السقوط الأبدي.”

البرغوث والكلاب

—–——————–

مَـــا انْــحَـازَ يَــوْمًـا طَــيِّـبٌ لِـخَـبِيثِ

جُـــرْبُ الْــكِـلَابِ حَـبِـيـبَةُ الْـبَـرْغُوثِ

هَــذِي الْـحَـقِيقَةُ لَا مَـجَـالَ لِـنَقْضِهَا

قَــــدْ أُثْــبِـتَـتْ بِــدِرَاسَــةٍ وَبُــحُـوثِ

بَــلْ قَــدْ يُـفَـاخِرُ حِـيـنَ يَـلْثُمُ نَـعْلَهَا

وَكَـــأَنَّــهُ  جُـــــزْءٌ مِــــنَ الْــمَــوْرُوثِ

وَلَــــهُ  نَــظَـائِـرُ لَا تَــفُــوّتُ فُــرْصَــةً

إِلَّا  وَتَـــذْكُــرُ عِــشْـقَـهَـا بِــحَــدِيـثِ

نَشَرُوا الْخَبَائِثَ فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى

حَــتَّـى يُــصَـابَ الــنَّـاسُ بِـالـتَّلْوِيثِ

مُـسْـتَنْقَعٌ يَـحْـوِي الـرَّذِيـلَةَ وَالـخَـنَا

وَمُــــصَـــدِّرٌ  لِــــقَـــذَارَةٍ وَرُفُـــــــوثِ

كَـالْحَيَّةِ الـرَّقْطَاءِ تَسْعَى فِي الْوَرَى

تُــؤْذِي الْـجَـمِيعَ بِـسُـمِّهَا الْـمَنْفُوثِ

قَــدْ أَنْـشَـؤُوا بَـيْـنَ الْـبُـيُوتِ حَـظَائِرًا

بِــهَـا لَـمْـلَمُوا مِــنْ حَـائِـلٍ وَرَغُــوثِ

وَبِــهَــا تَــجَـمَّـعَ كُـــلُّ غِـــرٍّ نَــاهِـقٍ

آذَى الْـــوَرَى فِـــي رَوْثِــهِ الْـمَـبْثُوثِ

مَـــا عَـــادَ لُـبْـنَـانُ الْـجَـمِيلُ مَـنَـارَةً

بَــــلْ مَـنْـبَـعًا لِـلْـقُـبْحِ وَالـتَّـشْـعِيثِ

صَـــنْــعَــاءُ تَـــــــاجٌ لِــلْــعُـرُوبَـةِ دُرَّةٌ

طَـمَـسَتْ مَـعَـالِمَهَا ضِـبَاعُ الْـحُوثِي

تُــرِكَـتْ تُـعَـانِـي بَـعْـدَ غَــزْوِ عَـابِـثٍ

مَــكْــلُـومَـةً مُــحْــتَـاجَـةً لِــمُـغِـيـثِ

صُـفْـرُ الْـعَقَارِبِ فِـي الْـبِلَادِ تَـوَزَّعَتْ

وَبِـشَـامِـنَا قَـــدْ خَـطَّـطَـتْ لِـمُـكُوثِ

وَسَعَتْ لِصَرْفِ النَّاسِ عَنْ تَوْحِيدِهِمْ

لِــعِــبَــادَةِ الْأَصْـــنَـــامِ وَالــثَّــالُــوثِ

لَــكِــنْ  دِيَـــارُ بَــنِـي أُمَــيَّـةَ قَـلْـعَـةٌ

فِـيـهَا رِجَــالٌ فِــي الْـوَغَـى كَـلِيُوثِ

طَـــرَدُوا الْــجِـرَاءَ وَقَـطَّـعُـوا أَذْنَـابَـهُمْ

بَـــاتُــوا  غُـــثَــاءً هَـــارِبًــا بِـقَـعَـيْـثِ

(شَـهْـنَـامَةُ) الْأَحْــقَـادِ لَا تَــتَـرَدَّدِي

صُـولِـي بِـأَرْضِ الْـمُسْلِمِينَ وَعِـيثِي

فَــبَــنُـو أُمَـــيَّــةَ حُــــرَّةٌ أَخْــلَاقُـهُـمْ

لَــــمْ يَــغْــدِرُوا بِـمُـسَـالِـمٍ وَرَثِــيـثِ

لَـكِـنَّـهُمْ قَـــدْ أَقْـسَـمُوا أَنْ يَـجْـعَلُوا

جَـيْـشَ الْـمَـجُوسِ مُـمَـزَّقًا كَـفُـرُوثِ

أَرْضُ الْــعُــرُوبَـةِ لِــلْأَمَـاجِـدِ مَــرْتَــعٌ

مُــنِـعَـتْ عَــــنِ الْــقَــوَّادِ وَالــدِّيُـوثِ

العبرات تحكي

………………………….

لما الندم؟ إني خير شافي التحسر

 واني لكم من محض دمع النواظر

 وقلب جريح أنني من دمائها

 وعين أفيض مع معان كبائر

 واني لسان عالمي أبلغ

 عواطف قلب في قلوب الحواضر

 وأحكي حكايات وحزن الحوادث

 لأشكالها معصوبة بالتعبر

 وما الروع! إني نائب القلب أروه

 مجيئيّ من أعماق لج  المشاعر

 تقول “بكيت ،ما البكاء من الشفا”

 ولكنني داء لجرح الضمائر

 تروني لحزن معْ بكاء علامة

بل الدمع أحلى في قلوب التعسر

 ومالي أراني في فلسطين حمرة

 وهذا هو المنقوش جوف الذخائر

 ومالي أجف في فلسطين عينها

 لقد غبت من عين المئات المعسر

تعال يا ولدي

………………………..

بـكـت السماءُ فما الذي يُبكيها؟

ولمَ الدموعُ تسيل في الأجواء؟

والأرض تسأل: لِمَ أرقت مدامعا؟

أوما ترونَ الحزنَ في أحشائي؟

قد مزق النعي الأليم فؤاديا 

ودُفنتُ في أرضٍ بلا أنباءِ

وجهٌ مضى، كنا نراه بشاشةً

قد صار ذكرى بعد طول عناءِ

ففراقُ والدي الحنون لثلمة

أبكي له مرا أحر بكاء

إني وجدت الأمن تحت ظلاله

ورجوت طول حياته برفاءِ

قد ضمّني بالحنو عند طفولتي

في الخطوة الأولى فيا لهنائي!

سهرَ الليالي كي أعيشَ براحة

زرعَ الأمانَ بعزمِهِ وإباءِ

لكنَّ أيامَ الوصالِ تغيرت

والموتُ ينفد حكم كلّ قضاء

يوما صحوت، بحثت عنه فلم أجد

إلا نداءً: ماتَ ضوءُ ضيائي

فصرختُ كالطفلِ الصغيرِ، تأسفا

لمّا أجدْ غيرَ البكا لشفائي

وسمعتُ عن بيتٍ بلا دفءِ الأبٍ

فأعيش مع مرّ الجوى وبلاء

حينا ينادي الصمت “يا ولدي تعال!”

ذا القبر يسكن فيه كل رجائي

يا ربنا ارحم والدي واغفر له

أفرغ له دوما جزيل عطاء