ولو كنت فظا غليظ القلب …..لانفضوا من حولك

“لا تقتلوا  الأولاد ولا النساء ولا الشيوخ ولا الكبار ولا تقطعوا الأشجار  ولا تمنعوا المياه”

بين جو السياسي العالم المعتكر ،ومشهد الضبابي المكثف،كالحجر لا عواطف وﻻ وجدان وﻻ مكارم، هكذا يقضي  المسلمون أيام الحياة بلا غاية وﻻ راية ،وفي ناحية الاخرى محاولات عنيفة ،وجهود مكثفة، من قبل يهوديين بالتحالف مع المسيحيين  لإطلاق الهجمات، وشن الغارات على المسلمين، المظهر كالحمل أمام الذئاب، حيث صار الجو مشهد حملات مسعورة وشهقات تتعالى وصبيان تبكي وأرامل تتنهد ويتامى تهجر نتاجا لمعركة اسرائيل – فلسطين المنتهكة لجميع القيم والقوانين الطبيعية.

وﻻ أدري أين الإنصاف، وأين العدل، وأين التعايش، وأين المكارم الأخلاق والباقي من القيم الإنسانية التي كانت من عادات العرب والعجم والبربر، هل هي اندمجت مصاحبا للأنقاض في فلسطين؟، أو هل هي انقرضت مع شروع الجيل الجديد، أو هل تدري ما وقعت لذلك، في الحقيقة أصبحت مصطلح “الإنسانية” اضافات إلى التاريخ والثقافة المنسوخة، حتى صارت سنوات منذ محوها من قواميس الحياة يا للأسف والندامة.

ومن الأسف البالغ، انما اكتب هذا في صدد تهرق فيه الدماء الفلسطينيين وتهدم فيه هوية المسلمين ونحن مشاهدون لهذه المظاهر كما يشاهد الصغير الفكاهات والكرتون في تلفاز يتمتعون بكل لذة وفي غاية الفرح والسرور. ربما يتلوا طلاب الجيل الجديد كانت هناك في المجتمع  في القديم لفظ المسمى “الإنسانية”، قد سمعته من جدي ولا أعرف ما هي، حينما كان الصدد كذلك أنا أتمنى أن ألفت أنظاركم إلى صنديد رفعت به القيم الإنسانية وهدمت به الوحشية  في زمان ومكان ليس كما زماننا ومكاننا المبرقش والمزين من التنوع الزينات ومختلف التبرقشات، وهذا الرجل المثيل الذي سجل في التاريخ بخطوط ذهبية, هو  سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم القائل بدر تغير الاحوال والازمان وتصقل  المجتمع والآفاق، وبكلمة اللازم أن تكلل في اعماق قلوب الجميع بلا فرق بين مسلم ولا يهودي ولا نصراني ولا هندوسي الذي قال “لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بتقوى القلوب”.

انا في غاية الوثوق واليقين أن السيرة النبوية الشريفة هي حل مثيل لإنهاء الحروب الدامية المستمرة بين إسرائيل – فلسطين والروسية – واكرين والنزاعات القائمة بين أمريكا – وإيران وفي مختلف  آفاق العالم. رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي علم الانسان ما لم يعلمو من الإنصاف، والعدل، والصداقة، ومكارم الأخلاق، والقيم الإنسانية في عصر تغمره ظلام الجهل والجهالة وفسق الفساق وتغمده حقد الأحقاد قبلية، هنا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعليم القيم الإنسانية وصحبة الإقليمية ،لأنه قد فهم وبصر ببصيرته أن هناك لا قوام لأي شيء إلا بالتحام مع غيره والأخوة مع الأخر, حتى أمر أصحابهم بضم أكتافهم مع المقيمين بلا نظر إلى المذاهب والأديان ولا بتفريق على الأساس الجنسية والألوان، وكان فيهم اليهودي والنصراني والمسلم والمجوس، وأين غابت هذه الأخوة والصداقة.

لقد كثر فينا النقاد والمعارضون للسيرة النبوية الشريفة ورسالته الحقيقة والقيم المرتفعة به والراسخة, أنا اود أن أخاطبهم، يا أيها الجهال ما سلككم في سلك الدجال، أضيف هنا بعض الأمثلة الغالية الباهرة التي سترفع من أعماق الجهالة إلى أعلى الشعور والوعي، وستحضكم على التصحيح ما زعمتم وافتريتم فيه من خرافة واسطورة، وستنظركم مشاهد الصحبة الجارية بين الأمم السابقة، المستفاد من الحياة النبوية الشريفة. 

كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتى يهودي في  يفاع سنه كان يخدم النبي فيضع له وضوءه ويناوله نعليه ويقضي حوائجه، فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينطق بأف قط معه في طوال حياته حتى إذا أخطأ في تعامله او تأخر, مع انه في دين غير دينه بل علمه أن يعيش حياة صافية نقية ،وعيش ذات قيمة وبهية، إن قرأت التاريخ تجد ذلك الفتى في زمرة المسلمين بسبب ما شاهده في حياته صلى الله عليه وآله سلم الزاكية من القيم الطبيعية الانسانية التى ﻻ نظير لها حتى الى الآن.

إن ثمة مبادئ تستوقفنا للتأمل في هذه القصة فلنا أن نعجب من هذه الخلطة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين اليهود حتى أن  بيته صلى الله عليه وسلم يحتوي فتى من فتيانه، ومع أن أصحابه كلهم كانوا يتشوقون لخدمة النبي صلى الله عليه وسلم ويتمنون أن يشرف أولادهم بذلك ،ومع ذلك وجد متسع لهذا الفتى اليهودي أن ينال هذا الفضل والشرف. 

إن ذلك يظهر النفسية الهادئة في تعامل مع الكفار -مشركين ويهود – ولم يكن ثمة توتر ولا تجسس، فهذا الصنديد المثيل يمر بمجلس ويخلط مع المشركين واليهوديين ويزورهم في بيوتهم ويجيب دعوتهم ويفتح بيته لزيارتهم بل يدني فتى منهم ووصلت إليه هذه الخصوصية للخدمة .كما نلاحظ مراعاة الجانب الإنساني بالتعامل غير المسلمين أنه هدي من بعثه الله رحمة للعالمين كل العالمين أسيرهم  المحارب يطعم، ومريضهم  يعاد، وميتهم يقام لجنازته وهذه الأخلاق النبوية  فذ فريد لا مثيل له ولا نظير في تاريخنا قبل ولا بعد. 

ومثال الآخر الذي يؤلف قلوبنا و تذرف عيوننا، وهو معركة البدر بدأت بدروس أخلاقية وانتهت بدروس أخلاقية، وأول دروس أنه صلى الله عليه وآله وسلم أعلن الحماية والخفارة لرجل من المشركين الذين جاء مسلحا إلى البدر لقتال المسلمين حين قال لا تقتلوا أبا البختري بن هشام بسبب أنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى في هذا الرجل موقف نبيل ورأي نضيج  ليس لغيره من المشركين في نقض الصحيفة الظالمة التي كتبت لمقاطعة بني هاشم وحصارهم ،وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه سابقة وأعلنه الحماية ولا يقتل  إن كان مشركا وجاء مقاتلا .

والثاني من الدروس، بعد انتهاء معركة بدر حصل  المسلمون على  70 أسيرا الذي هم أشد الناس عداوة  للنبي صلى الله عليه وسلم ،وكل المسلمين جاهزون لقطع أعناقهم بدل ما فعلوا بهم من السوء عندما كانوا في مكة، ولكن صاحب الكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرهم في زاوية أخرى، حيث قال “لو كان مطعم بن عدي حيا وكلمني فيكم لتركتكم بأسرها لا تعذيب ولا تأليم” ، يا للعجب والغرابة،هل تشغل قلوبكم أفكار عن المطعم؟،وهل أنتم متحيرون بهذا الموقف الغريب الذي قام به رسول الله ، وكان المطعم امرؤا مشركا ولكن إنما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدد ﻻ يرجى أحد أن يذكر فيه بسبب موقفه النبيلة عندما أصيب رسول الله في طائف بأيدي المسودة المشركية،  حين قال “فعلوا بمحمد ما فعلوا ولكن كونوا من أكف عن محمد صلى الله عليه وآله وسلم.”

هكذا هناك في أوراق التاريخ النبوية أمثال غزيرة التي رفعت به القيم الإنسانية وأقيم صداقة الاجتماعية واديم  التعايش القومية أن نقشها أهل الجيل الجديد خاصة المحاربي إسرائيل – فلسطين تذوب ما استشاط من الغضب كما تذوب البرد في ضوء الشمس .”لا تقتلوا  الأولاد ولا النساء ولا الشيوخ ولا الكبار ولا تقطعوا الأشجار  ولا تمنعوا المياه” حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه  بهذه القيم المليحة قبل تجنيدهم إلى القتال، ولكن من الأسف إنما نشاهد في الآن المشاهد المخالف المنتهك لهذه الأقوال التي هي قوانين الطبيعة وشعاعير الإنسانية.

وإن مما عرفناه وعيناه وتأكد لدينا بيقين أن جند الاسرائيلي ينتهك كل الانتهاء ويعرض كل الاعراض لقوانين  الطبيعة الراسخة، حيث يغسل اراضي الفلسطينيين بدماء الكرام بلا فرق بين النساء والرجال والكبار والصغار حتى بلغ عدد قتلى الصغار الى 20,000 والنساء إلى 15,000 اخيرا الطريق الوحيد الحل الجليل لاسترجاع كل ما فات منا من  الصداقة والتعايش واستقرار القومية  الاستعبار  من آثار  قديمة التي مر عليها السلف الصالح ،لأن فيها عبرة لأولي الألباب.