الهند الديمقراطية تحت سلطنة الحيوانات
محمد ذو النورين
خلال السنوات السابقة منذ تولي حكومة مودي على الحكم في الهند، لا يزال يثور غبار الظلم باسم “البقر” في الهند. ويدّعي الظالمون من الهندوسيين بأن البقرة إلآه من آلهتهم المقدسة ومركب لإلههم المقدس وأمّ لهم(غو مادا)، فعلى هذا الاعتقاد لا يأكل المتشددون منهم لحومها ولا لحوم الثور والجاموس، وبعض منهم لا يأكلون إلا الخضروات. يكون اعتداءهم وظلمهم على المسلمين وهم الأقلية في الهند ويتهمون على المسلمين بأنهم يهينون آلهتهم. إن المسلمين في كل أنحاء العالم يأكلون ما أُحِلّت لهم من اللحوم والخضروات وغيرها من المأكولات . فهذا هو سبب اعتداء الهندوسيين المتشددين عليهم.
قد قُتل عشرات المسلمين بهذا السبب في الهند. هاجم مجموعة القرويين منزل رجل مسلم ــ اسمه محمد أخلاق ــ في أواخر عام 2015 في أول يوم من العيد الأضحى، متهمين عليه بأنه قد ادخر لحم البقرة في بيته وقد قتل في هذه الحادثة. وفي الحقيقة كان اللحم الذي في ثلاجه هو للشاة. لم تكن هذه حادثة أولى باسم البقرة ولكن كانت بداية لمسلسلات قتل المسلمين في البلد. وإن ذبح البقرة وأكل لحمها ممنوع في عشرين من الولايات الهندية، ومشروع في ثمانية ولايات. والجدير بالذكر أن المسلمين في الهند لا يأكلون لحم البقرة حتى في الولايات التي لم يمنع هناك ذبحها، وهم يأكلون لحوم الجاموس والثور فقط. فعلى الرغم من هذا تكثر الاتهامات على المسلمين والاعتداءات عليهم من قبل المتشددين من الهندوسيين باسم قتل البقر. وجود حكومة الهند الحالية لـ “نريندرا مودي”، التي لها جذور هندوسية هو السبب الرئيسي لتزايد هذه الاعتداءات على المسلمين. يتخذ المتشددون قوتهم من سكوت “مودي” عن هذه الحوادث، وهو الذي كان رئيس الوزراء في ولاية غوجرات في أيام الشغب الغوجراتي ضد المسلمين حيث قتل فيه أكثر من ألفين مسلمين في بضع أيام .
في مارس 2016 قتل اثنان من المسلمين وفيهما ولد صغير،على أيدي هؤلاء المتشددين وعلقوهما على الشجرة. هذه الحوادث سببت لمظاهرات شديدة على الحكومة منذ بداية الحكومة الحالية ولكن لا يزال يحدث الاعتداءات في الولايات المتعددة. في الأسبوع الأخير قتل رجل مسلم اسمه “بهلو خان” في ولاية راجستان بأيدي هؤلاء الناس وسببت هذه الحادثة لمظاهرات شديدة في أماكن متعددة منها أمام البرلمان الهندي. في السنوات الأخيرة قد تغيرت أصوات جمعيات الرفق بالبقر إلى الرفق بالجاموس والثور أيضا ،حتى يمنعون لحوم الشاة والدجاجة وغيرها من اللحوم في ولاية “أوتر برديش” بعد تولي حكومة جديدة على الحكم . ورئيس وزراء الولاية ناسك هندوسي متشدد في الآراء ضد المسلمين . وكان من أمر بالاغتصاب على موتى نساء المسلمين بعد إخراجهن من القبور. فهدفهم هو منع لحوم الحيوانات كلها في البلد بتقسيم بين المسلمين و بين الهندوسيين باسم البقر وغيرها من الأمور الدينية.
يقف المستضعفون من الأقليات (دلِد) والملحدون منهم ضد هؤلاء المتشددين في هذه القضية لأنهم يأكلون لحوم هذه الحيوانات ويهاجمونهم باللسان الأكاديمي والفكري مع خلفيتهم المعرفية ، حيث يقف “دلد” مع المسلمين في القضية والملحدون من الهندوسيين لا يقف مع المسلمين ولكنهم فقط يهاجمون على المتشددين . قال “رويجندران”مفكر هندوسي من الملحدين في النقاش الأكاديمي مع هندوسي متشدد: ” إذا أنكم تعتقدون أن البقرة إلآهكم أو أمّا لكم فلكم الحرية الكافة في الإعتقاد وفي ترك لحومها، ولكن كيف تأمر الآخرين بهذا الاعتقاد وترك لحومها؟ فمثلا، الأخت في نظرتك أخت لك وكيف إذا أمرت زوج أختك بنفس النظرة؟”. هذا لا يحدث أبدا وهذا ليس أمرا حقيقيا.
كانت البقرة رمزا للثروة في الهند منذ العصور القديمة لدى الهندوسيين، وفي الفترة “الفيدية” كانت الأبقار والجاموس والثيران تذبح في كثير من الأحيان، سواء للاستهلاك أو في التضحيات. وهناك كثير من البراهين على هذا الاستهلاك والتضحيات في الفيدا والكتب الأخرى المقدسة لهم . ومع ذلك لا يوجد لديهم ولو برهان واحد على هذا الاعتقاد الفاسد الحالي وعلى منع لحومها. قد أكّد على هذا كثير من الكتاب والمفكرين في كتبهم ومقالاتهم سائلين: لماذا لا يحمون الحيوانات الأخرى التي كانت يستعملها آلهتهم مركبا ؟ولماذا لا يتخذونها أمّا لهم أو شيئا مقدسا؟ على سبيل المثال الفأر والحية والسمك وغيرها من الحيوانات المذكورة في كتبهم الفيدية المقدسة؟ فالفأر يشمأزون منه، والحية يفرون منها، والسمك يأكلونها.
هناك مسلسل عمود للقصة مع رسوم كاريكتورية في مجلة أسبوعية للأطفال في ولاية كيرالا منذ سنوات طويلة على عنوان “إذا جاءت سلطنة الحيوانات” . تحكى القصة عن الأحوال الاجتماعية والسياسية إذا استولت الحيوانات سلطنة الحكومة، بأسلوب ساخر. فهذا قد وقع الأن في الهند إن لم تحكم الحيوانات، ويحكم الناس باسم الحيوانات.
يقال إن الهند هي أكبر دولة ديموقراطية في العالم، حيث يوجد فيها أكبر عدد من الناخبين المسجلين، وباعتبار أن الصين لا تطبق مبادىء الديمقراطية ولو كانت أكبر دولة من الهند عددا للسكان. فرأئي أن الهند تحت الحكومة الحالية أيضا خارج هذا الإطار كالصين. فلا بد أن يتغير هذا الوضع الحالي لأن الحقائق تسيطر على أساطير الأولين.