توترات بين المسلمين وحملات كراهية ضدهم واحدة تلو الأخرى في الهند
محمد ذو النورين
الهند هي موطن لنحو ١٧٢ مليون مسلم، ثالث أكبر عدد من المسلمين في العالم. ازدادت التوترات بينهم في أجزاء كبيرة من البلاد منذ عام ٢٠١٤ ، بعد تولى رئيس الوزراء ناريندرا مودي على السلطة. وتعرض المسلمون لحملات كراهية وهجمات من قبل الأحزاب الهندوكية الفاشية. ودفع سلطة مودي المسلمين إلى التهميش.
في هذه الأيام، بعد حملات كراهية من قبل الأحزاب الهندوكية الفاشية في الهند ضد الشعارات والمصطلحات الإسلامية مثل الجهاد والحلال والوقف واللغة الأردية والمؤسسات الإسلامية، بدأت حملة كراهية جديدة ضد الحجاب والمحتجبات في ولاية كارناتاكا الهندية في الأول من كانون الثاني ٢٠٢٢، عندما حضرت تلميذات مسلمات محتجبات في كلية أودوبي للنساء.
منذ ذلك الحين، وقعت حوادث متعددة في جميع أنحاء ولاية كارناتاكا حيث حضرت فتيات محتجبات إلى الفصول الدراسية وبدأ الطلاب الهندوس في ارتداء شالات الزعفران كدليل على الاحتجاج ضد المحتجبات.
زعمت الطالبات المحتجبات في كلية بي.يو التابعة لحكومة ولاية كارناتاكا في أودوبي يوم السبت في الأول من كانون الثاني ٢٠٢٢، أنهن مُنِعن من دخول الفصل بسبب الحجاب. وفي اليوم الثالث من كانون الثاني، أخذ بعض من طلاب الجامعات الذين ينتمون إلى الجناح الطلابي للحزب الهندوكي الفاشي في منطقة كوبا بكارناتاكا يرتدون شالات الزعفران احتجاجا على ما يُزعم من السماح للنساء المسلمات بارتداء الحجاب داخل الفصل الدراسي.
وفي يوم الأربعاء ١٩ كانون الثاني ، تم عقد اجتماع بين الطلاب والمسؤولين الحكوميين وإدارة الكلية بهدف حل المشكلة. ولكن لم يتم التوصل إلى نتيجة. وفي اليوم التالي، بدأت الفتيات الخمس في الاحتجاج خارج المعهد حاملات اللافتات. في ٢٦ كانون الثاني، شكلت حكومة ولاية كارناتاكا لجنة خبراء لحل المشكلة. وتم الإعلان من الحكومة عن التزام جميع الفتيات بقواعد موحدة حتى صدور توصيات اللجنة. في ٣١ كانون الثاني، قدمت طالبة محتجبة التماسا كتابيا في محكمة كارناتاكا العليا للحصول على تصريح بأن ارتداء الحجاب هو حق أساسي وأن الدستور الهندي يضمن حرية الحق في الاعتناق والممارسة والنشر للأديان. وأخيرا في ١٥ مارس ٢٠٢٢ أعلنت محكمة كارناتاكا العليا في قضاء لها أن ارتداء الحجاب ليس من الممارسات الدينية الأساسية.
تتنوع أسباب الكراهية والعنف ضد المسلمين:
كانت هناك عدة حالات من الكراهية والعنف الديني ضد المسلمين منذ تقسيم الهند في عام ١٩٤٧ ، في كثير من الأحيان في شكل هجمات عنيفة على المسلمين من قبل الغوغاء القوميين الهندوس والتي تشكل نمطًا من العنف الطائفي المتقطع بين المجتمعات الهندوسية والمسلمة. قُتل آلاف في أعمال عنف طائفية الهندوس ضد المسلمين منذ تقسيم الهند. ولكن الحملات الجماعية من قبل الأحزاب المتطرفة الهندوكية بدأت واحدة تلو الأخرى بشكل عام بعد تولي ناريندرا مودي على الحكم عام ٢٠١٤.
يُعتقد أن جذور العنف ضد المسلمين تكمن في التاريخ الهندي. ومنها أولا استياءهم من الفتح الإسلامي للهند خلال العصور الوسطى، والسياسات الانقسامية التي وضعتها الحكومة الاستعمارية خلال فترة الحكم البريطاني، وتقسيم الهند إلى دولة باكستان الإسلامية والهند، وهي دولة مع أقلية مسلمة. ويعتقد أيضا أن الكراهية وحوادث العنف ضد المسلمين لها دوافع سياسية وهي جزء من الاستراتيجية الانتخابية للأحزاب السياسية الرئيسية المرتبطة بالقومية الهندوسية مثل حزب بهاراتيا جاناتا (الجناح السياسي لـ آر.أس.أس).
حملة ضد الأردية لكونها لغة المسلمين:
في شهر أكتوبر، عام ٢٠٢١ بدأت القوى اليمينية الهندوكية حملة ضد اللغة الأردية وأجبرت شركة رائدة على سحب إعلانها الخاص بموسم عيد ديوالي بعد أن تضمن كلمتين من اللغة الأوردية، والأودية تعتبر في الخيال الشعبي في البلاد لغة المسلمين. أصدرت شركة فاب إنديا إعلانًا بمناسبة عيد ديوالي وهو عيد هندوسي مهم، عرضت فيها أحدث مجموعة من الملابس مع نص التسمية التوضيحية “جشن ريواز”. تعني كلمة “جشن” باللغة الأردية احتفالًا بينما تعني كلمة “ريواز” تقليدا. ولكن تغرد رجل برلماني ينتمي إلى حزب بهاراتيا جاناتا قائلا: ” “يجب استدعاء هذه المحاولة المتعمدة لتحويل المهرجانات الهندوسية إلى الثفاقة الإبراهيمية، وتصوير عارضات الأزياء بدون ملابس هندوسية تقليدية”. وسرعان ما بدأ أعضاء آخرون في حزب بهاراتيا جاناتا وجماعات قومية هندوسية أخرى بمهاجمة الشركة على وسائل التواصل الاجتماعي، متهمين العلامة التجارية بـ “الإضرار” بالمشاعر الدينية للهندوس.
في الحقيقة أن اللغة الأوردية والهندية وجدت ونشأت في شمال الهند خلال حكم المغول من خادي بولي، إحدى لهجات منطقة دلهي، وبراكريت. كما اقترضت بشكل كبير من اللغات الفارسية والتركية والعربية. لعدة قرون، كانت تتحدث الأردية على نطاق واسع من قبل الهندوس والمسلمين والسيخ في الهند غير المقسمة. والعديد من شعرائها وكتابها المشهورين هم من غير المسلمين، بما في ذلك من أمثالهم مونشي بريمشاند وراجيندر سينغ بيدي وفراق جوراخبوري وجولزار وغيرهم. ولكن السبب لكراهية الهندوكية على اللغة الأوردية هو أنها تعتبر لغة المسلمين في الهند ولغة رسمية في باكستان الإسلامية، وهي دولة تعتبر عندهم بلدا معاديا للهند.
السياسة الوطنية للتربية والتعليم عام ٢٠٢٠:
السياسة الوطنية للتربية والتعليم للهند عام ٢٠٢٠، التي وافق عليها مجلس الوزراء الاتحادي رؤية نظام التعليم الجديد في الهند، تحل محل السياسة الوطنية السابقة للتربية والتعليم عام 1986. هذه السياسة هي كما يزعم إطار شامل للتعليم الابتدائي والتعليم العالي وكذلك التدريب المهني في كل من المناطق الريفية والحضرية في الهند. تهدف إلى تغيير نظام التعليم في الهند بحلول عام ٢٠٤٠. ولكن قد تم مسح ثقافة الإسلام والمسلمين من هذه السياسة الجديدة حيث يكون الجيل الجديد جاهلين عن التاريخ الذهبي للعصور الوسطى للهند. قد وثبت هذه السياسة في دراسات تاريخ الهند من تاريخ الهند القديم إلى التاريخ الجديد وقد تم التجاهل التام عن تاريخ العصور الوسطى. وحتى لا يوجد ذكر للمجتمع الإسلامي في سياق التعليم. هذا الإغفال المتعمد لجزء كبير من التاريخ هو انعكاس للتحيز الدقيق في عقلية أولئك الذين صمموا هذه السياسة. بالنسبة لهم، فإن تاريخ الهند في العصور الوسطى الذي بناها الحكام المسلمين ملطخ وخالي من أي شيء يستحق العناء.
هناك توترات بين المسلمين حول كيفية تأثير السياسة الجديدة علىيهم. وبالنظر إلى حقيقة أن التغييرات هائلة وستكون لها تأثير بعيد المدى على كيفية نقل التعليم، فهناك عدم ارتياح واضح بين العديد من شرائح السكان بما في ذلك المجتمع المسلم. وهناك الكثير من الالتباس حول اللغة الأردية ومصير المدارس المتوسطة الأردية. إن مكانتها في السياسة الجديدة يعد لغزًا ويخشى الكثير من المسلمين بشأنه. ووضع المدارس الإسلامية على هامش الإنهيار بشكل عام، حتى لا توجد كلمة واحدة عنها في وثيقة هذه السياسة. ولم يتم تضمين اللغة العربية في قائمة اللغات الأجنبية التي سيتم تقديمها من المرحلة الثانوية العليا رغم أن اللغة العربية هي لغة البلدان التي يعيش فيها معظم الهنود غير المقيمين. لدينا علاقات ثقافية وتجارية واستراتيجية مع الدول الناطقة باللغة العربية. وتدرس في المدارس والجامعات الإسلامية والحكومية أيضا. ولكن هناك الالتباسات حول مصير هذه اللغة أيضا في الهند، ربما تمنع على شكل تام
حظر على قناة ميدياوان وحملة ضدها:
قناة ميدياوان قناة رئيسية وحيدة تديرها مؤسسة ذات جذور إسلامية في الهند، قناة تقوم مع المتهمشين في المجتمع. وتمكنت القناة لتكون لسانا مخالفا حادا على الظلم والجور سواء كان من قبل الحكومة أو من المجتمع ولسانا توافقيا مع المتهمشين. فعلى هذه السياسة قامت القناة منذ عشر سنوات على أساس ديموقراطي في دولة ما يسمى الديموقراطية. ولكن الحكومة الهندية ذات جذور هندوكية حظرت إعادة البث ولو بمدة ٤٨ ساعة بسبب التقارير عن أعمال الشغب في شمال شرق دلهي عام ٢٠٢٠ مرة، وحضرت بسبب الأمن القومي مرة أخرى في فبراير ٢٠٢٢. وزعمت الحكومة أن هناك أسبابًا كافية لهذا الحضر، على الرغم من عدم الكشف عنها، ولا تزال القناة على قيد الحظر والقضية في المحكمة. هذه كلها تهديد للمسلمين في الهند من قبل الحكومة الهندية.
حملة ضد مدينة “مركز” المعرفية:
مدينة “مركز” المعرفية مشروع جديد من مؤسسة إسلامية في ولاية كيرالا. تهدف إلى تنمية مستدامة على المدى الطويل، وتهدف على مدى فترة زمنية وبطريقة مرحلية لتصبح واحدة من أفضل مراكز التعلم في جميع أنحاء العالم. ولكن الأحزاب الهندوكية بدأت حملة ضد هذا المشروع الإسلامي أيضا. قائدة من الهيئة المتحدة للهندوس شاشيكالا رمت اتهامات ضد هذا المشروع الإسلامي في فبراير وبدأت حملة ضده. مثل هذه التوترات وحملات الكراهية والهجمات لن تنتهي إلا بعد ضغوط دولية وسقوط هذه السلطة الحالية.