أشعر بالفزع……!

د.مسافر عكره

قرأت في نفسي سورتي الإخلاص والمعوذتين، لأنه في هذه الأيام يصطادني الفزع ليل نهار. أستيقظ كل يوم بعدما نقرت زرّ الإغفاءة في المنبه لعدة مرات وحرّكت أعضائي، وإذا بي أنا أشعر بالفزع. كلّ شيئ عندي بفزع. ما آكل وما أشرب إلاّ وأشعر بالفزع، ولا أقرأ ولا أكتب إلاّ يتمشّى في جوفي شيئ من الخوف والفزع.

وهذه بدأت منذ بضعة أيّام. عندما أجلس أمام الكمبيوتر بعد ما استيقظت من السرير وأدخل على الفيس بوك….. بدأت قلبي تدق وترفرف كما ترفرف الحمامة في يد الصياد…. وأشعر بالفزع حتى أكاد لا أرى شيئا في الشاشة، ودموعي تسيلها العينان…. ثم أمسح عيناي فأنظر إلى الشاشة للحظة أخرى..، فإبّان ما أقرأ نصّا أو أنظر إلى صورة أشعر بالفزع الأكبر. لأني أردت أن أنقر على لايك أو أكتب تعليقا. ولكن قلبي بدأت تقول “ما ذا تريد أن تكتب… فلعلها تفجع شعورا دينيا لفلان ما…! ولعلها يزعج شعور شعب ما…! أو تحلل حرمة دولة أو حكومة ما……!”.، حتى جلست إلى الوراء وأغلقت الكمبيوتر وشعرت بأنني محبوس ولست بحر….. وأنني شعرت بالفزع.

ما كانت هذه عادتي… وكنت أقضي ثلث الليل أو نصفه أمام هذه العالم (الشاشة). وكنت أجاهد به جهادا كبيرا. (وأني أشعر بالفزع من هذه الكلمة “جهاد”). ولطالما كتبت وأكثرت تعليقاتي عن تلك الحادثة في دولة سونت [1] عندما أحرق ذلك الفتى بنفسه في الحارة. وما كنت أصادف حادثة أو أقرأ نصا عن حادثة من حوادث الدنيا من صغيرها وكبيرها إلّا وكتبت النصوص والتعليقات والتعليقات على التعليقات…. ولكني الآن أشعر بالفزع، ولا تستقيم أصابعي على لوحة المفاتيح ولا عيوني على الشاشة. واشعر بالفزع من أن أنقر لايك. أفيكم دكتور رشيد يمكن العلاج بي…؟

ثم أردت النوم لمرة أخرى، فاستلقيت على السرير.. فتذكرت أنني لم أصل الفجر. فتوضّأت من داخل الغرفة نفسها لأنني لا أدري كيف يعاملني الغير إن يروني أتوضّأ.. لأنني لعلّي أتوضأ كما لا يتوضّأ غيري… فلا أدري ما يفعل بي إن يروني إذن… فشعرت بالفزع والخوف. فخرجت إلى المسجد أصلي وقلبي تشعر بالفزع.

وقمت إلى الصلاة وأني أخاف الناس أشد خوفا ….. وصارت قلبي تهتز بالفزع وتقشعرّ لأني قد وضعت يدي على صدري كما لا وضعها بعض غيري…. ففاضت قلبي رعبا وفزعا…. ولم أدر ما يفعل بي…! وهربت من الصلاة ودموعي تسيل من الفزع…. أليس فيكم دكتور رشيد يعالجني؟ لأني أشعر بالفزع…!

ثم أردت أن أتناول الفطور… ووجدت رائحة اللحم يطبخ… فسررت وعزمت الأكل وتوكلت على الله. ولكن إبان ما شعرت بالفزع. لأنني سمعت خبر قتيل أكل اللحم وقتله الجمع. وبكيت وصرخت وشعرت بالفزع.

هل عندكم علاج لمثل هذه الشعور… وأما دكتوري فإنه أوصاني بمحاكاة الصم والعميان حتى لا أسمع ولا أرى.، لأنه إذا مثلي يشعر بالفزع وإن ابنته التي شعرت بالفزع توفيت بالفزع.  وبعد هذا ما زلت أشعر بمثل هذه الشعور… أشعر بالفزع في كل لحظة وثواني… وأني أشعر بالفزع عندما أقرأ وأكتب وأظن أهذه تفجع شعورا دينيا أو قوميا أو شعبيا، أو تحلل حرمة من حرمات الآلاف…؟ وأشعر بالفزع عندما آكل وأشرب، وأشعر بالفزع عندما أصلّي وأمشي.. وأشعر بالفزع…. وأشعر بأنني لست بحرّ….

[1]  دولة خيالية

ندوة افتراضية أدبية تحت إشراف رابطة الأدب بكيرالا

تقرير/ عبد الحفيظ الندوي

كيرالا ٢١ ذي القعدة 1441 هـ الموافق ١٢ يوليو ٢٠٢٠ م
نظم فرع كيرالا لرابطة الأدب الإسلامي العالمية ندوة افتراضية لمناقشة “الأدب الإسلامي في أيام جائحة كورونا” بمشاركة عدد من أدباء وطلاب اللغة العربية من داخل البلاد وخارجها، وذلك في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد 12 يوليو 2020م. وتم خلالها تناول الموضوع وأهدافه وتأثيراته المعرفية على الوسط الثقافي المحلي والدولي من تاريخ الأوبئة إلى واقعنا المعاصر.
ابتدأت فعاليات الندوة بتلاوة آيات من القرآن الكريم تلاها الأخ الفاضل د/عز الدين الندوي وقام الأستاذ د/يوسف محمد الندوي بكلمات الترحيب للمشاركين وكان البرنامج برئاسة الأستاذ الفاضل م م محي الدين الندوي وقد قام بافتتاح الندوة الأستاذ الفاضل فاروق الندوي أحد مسؤولي الرابطة بولاية كرناتك.

وألقى الكلمات عن محور الندوة كل من المحاضرين
الأستاذ عبد الحفيظ الندوي و الأستاذ صالح النظامي الفتوفوناني عن تجاربهما الشخصية من مقامات ومطالعات علمية وشارك في الندوة الافتراضية أعضاء رابطة الأدب الإسلامي من بلاد سوريا الأستاذ الدكتور محمد فياض المقيم في الإمارات العربية المتحدة ومن عاصمة الهند الدكتور شفيق الندوي رئيس قسم اللغة العربية بالجامعة الملية الإسلامية سابقاً ومسؤول لجنة التواصل الاجتماعي في إيطاليا الأستاذ عبد اللطيف وغيرهم.

واستعرضت الندوة أبرز المؤشرات والمستجدات للأدب الإسلامي على وجه الخصوص وانتهت الندوة بكلمات الشكر والتقدير من الأخ سيد أنصاري الندوي عضو لجنة التنسيق لرابطة الأدب لفرع كيرالا

في لظى الفراق

سلمان مبشر بن محمد كوروت

جالستني أختي وهي تفكر في ولديها الحبيبين الصغيرين. يسافران إلى قطر لمواصلة الدراسة فيها، فهم كانوا قد أتوا للإجازة إلى الهند وهي لا تذهب معهما، ففاتحت الكلام قائلة: هل لك يا أخي أن تخبرني بحياة لا فراق فيها ولا وداع؟! فإنهما ينغصان صفو الحياة ونصاعها..

فالتزمت الصمت برهة ورفعت رأسي وقلت: إن هذا الدهر يا أنيستي لا يستطيع أن ينام ساعة واحدة عن الإنسان، وليس من إمكانه أن يسقيه كأساً واحدة لا يخالطها كدر ولا يمازجها شقاء، فينال الإنسان السعادة تارة والشقاء أخرى.. فهو أشد شيئ على الإنسان..

لا بد للمرء أن يمر في هذه الحياة بمراحل عديدة، منها: مرحلة الفراق واللقاء. فلربما تنهدم آماله الجسام التي بناها وبذل سبيلها الآلام الهموم فيما بين يوم وليلة..

لو كانت هذه الدنيا مقام السرور للمطيعين ومقر البؤس للعاصين لما تنورت تلك الصفحات الموجودة في كتاب التاريخ بسير السابقين الأولين من الأنبياء والصلحاء، ولما امتلأت حياتهم بالآلام والأوجاع القاسية المرة.

إن هذه الأشجان تزيد القلب قوة والضمير ثباتاً للمسلم، لأنه من يوقن أن البلايا من الرب طريق إلى العلاية، وهو من يتخذ المِحَن مِنَحاً!

إبراهيم نجل حبيبنا صلى الله عليه وسلم ودَّع دنيا الناس وهو في مبتكر سنه، وخديجة رضي الله عنه زوجة النبي صلى الله عليه وسلم فارقت زوجه وهو في لظى الآلام الحميم، وأبو طالب عم رسولنا صلى الله عليه وسلم يودعه الوداع الأخير ويترك وحيداً بعد أن كان هو الوحيد الذي يحميه ويصونه من أذى الكفار والمشركين.. انظري كم تحمل وهو رسول الله وحبيبه الذي جعله خاتم الأنبياء والمرسلين! ويوسف ولد يعقوب عليهما السلام وكان ابنه الودود الذي رباه بكل حب وحنان، فلما سلبه الإخوة م حضن والده ابيضت عيناه وصار فريسة الكآبة، لكنه صبر واحتسب!

إن كنت تقولين وتحدثين نفسك أنهم رجال يتحملون كل شيئ، فدعيني أحدثك حديث أم حبيبة رضي الله عنها التي هاجر بها زوجها إلى الحبشة وتنصر الزوج حتى أصبحت وحيدة في بلد غريب، فأخبر الله ذلك الخبر من طريق الوحي إلى رسوله صلى الله عليه وسلم حتى زوجها النجاشي من الرسول صلى الله عليه وسلم..

فيا لفرحتها ويا لسرورها..! رسول الله وحبيبه بدل زوج كان صحابيا ثم تنصر..! احتسبي يا أختاه وودعي ابنيك واستودعي الله أمانتهما وسليه أن يحفظهما ويصونهما من كل شر وبلاء..

تحملي ألم الفراق ينتظرك فرح اللقاء.. وكوني على يقين أن الله تعالى يقي كل ذي شر من ابنيك، وألقي كل شك وظن من نفسك فإنهما أكبر عدو يهون قوة الإيمان وصلابة اليقين والرجاء في الله تعالى.. فهو الذي أعطانا الحياة فلا يكدرها ولا ينغصها..!

فما نحن إلا عباد نحيا كما شاء الله تبارك وتعالى..

فما أممت خطابي هذا حتى ألقيت نظرة على وجه أختي الحبيبة فإذا هو محمر تكاد عيناها تنفجر بالدموع الغزار.. وتمتمت: قد أرحت بالي يا أخي الحبيب..!

بطل الثورة

نجيب تمرابط

بطل تسامى في علاه
من ذا يحيط بمنتهاه
من ذا يراه وليس تغضى
من جلال ملتقاه
ذاك الأعز زعيمنا
فجر تألق في سماه
ذاك الحبيب ذاك العربي
صبح تشعشع في ضحاه
فذ المعاني مفرد
وكذلك في قلبي هواه
هو جوهر الأيمان يملأ هذه الدنيا نقاه
نور فوقه نور بعيد في مداه
يبدو له الحق الصراح مجردا مما عراه
قلب ينبوع سخي الحب
فياض جداه
لولاه لولا ذا الروا
لتسعرت منها الشفاه
كانت تمرغ بالعرا
عطشا ويحرقها لضاه
حر يصافحه الضحى
كالروض معطار شذاه
قد قال نصرا بعده
نصر عزيز مرتقاه
مجدا يخلده الزمان
وليس يدرى منتهاه
بطل والمنبر المشهود
اجدى وكم حضيت ذراه……..

العلم والجهالة

ذو النورين

الصحف قـوس والحـروف سـهامـه         والنـــاس فــي أفــكــارهم مـــيــدانُ

الحـــرب بــيـن ضــلالة من جهلهم          وبـــيـن مــا فـيـه الـهـدى والشـــانُ

فــــلـدى العـــلـوم أدلة مـن قـوسهـم          أهــــــل الــجــهــالة عـندها حيران

وصفوف جيشي في السطور سـوية          حـــركــات ألـفاظــي لـهم تـيــجـانُ

الــقوس يـُطلـق مـنـه مــا في متنــه          فــدراع جــيـشــي إنـه الـوجــــدان ُ

وســـلاح جــيـش جـهـالـة أقــوالهم           مــن غـــيـر بـرهـان لـها ولــســانُ

وإذا أصــاب الــسـهم صــدر جهالة           تـــتــشـــــرّق الأنـــوار والألـــوان

وإذا بــهـــم ســـهــم أصـاب بشــدة           ســــمّــاهـم شــيــخَ الــعلـوم زمـانُ

حــــتـــى إذا مـــكثــوا مــكانا مـدةً           فـــــبـهــم تــشــهّــر للـعـلوم مــكان

المدائح النبوية في قصائد بابو مسليار والإمام البوصيري رحمه الله

أفضل.يو.أس

(الأستاذ المساعد في قسم اللغة العربية، مركز جامعة كاليكوت، كدمات، لكشاديب)

تعريف المدائح النبوية كما يقول زكي مبارك بأنها(( فن من فنون الشعر التي أذاعها التصوف، فهي لون من التعبير عن العواطف الدينية، وباب من الأدب الرفيع، لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص))1. وكان الشعراء في عصر النبي صلى الله عليه وسلم يمدحونه بأبياتهم الرائعة، منهم حسان بن ثابت الأنصاري وكعب بن زهير وكعب بن مالك رضي الله عنهم. لما هجا أبو سفيان النبي صلى الله عليه وسلم توجه إلى أصحابه وقال: ((ما يمنع الذين نصروا الله ورسوله بأسلحتهم أن ينصروه بألسنتهم؟)) فقال حسان بن ثابت: أنا لها، وضرب بلسانه الطويل أرنبة أنفه وقال: ((ما يسرني به مقول ما بين بصرى وصنعاء. والله لو وضعته على صخر لفلقه، أو على شعر لحلقه.)) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كيف تهجوهم وأنا منهم؟)) فقال حسان: ((أسلك منهم كما تسل الشعرة من العجين.)) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اهجهم ومعك روح القدس.)) هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يشجع الشعراء لقرض المدائح النبوية.

عندما وصل المسلمون إلى كيرلا تطورت اللغة العربية وآدابها فيها. فولد الشعراء الكبار في أرضها منهم عمر القاضي والقاضي محمد وعبد القادر الفضفري و ك. محي الدين المولوي وباوا مسليار الويلتوري وبابو مسليار ترورنغادي إلخ. وبابو مسليار ترورنغادي هو الذي يعرف بـ”بوصيري كيرلا”. وقصائده في مدح النبي صلى الله عليه وسلم بليغة جدا بالتشبيهات  ومليئة بالألفاظ الجميلىة. وفي هذا البحث حاولت أن أقارن بين قصائد بابو مسليار والإمام البوصيري رحمه الله في مدح النبي صلى الله عليه وسلم.

رجاء شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

قد وردت في قصائدها أبيات تطلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم في يوم القيامة. ولا يحصل أحد  شفاعة من الأنبياء في ذاك اليوم إلا من النبي صلى الله عليه وسلم.

يقول بابو مسليار:

إني أحبك يا حبيب الأكرم                        أرجو الخلاص به وإني أجرم

هل من يحبك يا مشفع يحرم                    وبحق جاهك إنني بك مغرم2

قال البوصيري:

هو الحبيب الذي ترجى شفاعته           لكل هول من الأهوال مقتحم3

تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم بالشمس

يشبه البوصيري النبي صلى الله عليه وسلم بالشمس  والأنبياء الآخرين بالكواكب.

يقول:

فإنه شمس فضل هم كواكبها                  يظهرن أنوارها للناس في الظلم

ولكن تشبيه بابو مسليار أبلغ من تشبيه البوصيري. لأن بابو مسليار يقول أن القمر والشمس يتنوران بنور النبي صلى الله عليه وسلم.

يقول بابو مسليار:

  أفرزت من نور الجليل تقدسا                 لولاك عم الكون ليل عسعسا

  ما النور لاح ولا الصباح تنفسا             أنت الذي من نورك البدر اكتسا

والشمس مشرقة بنور بهاك

المعجزات النبوية

الإسراء والمعراج

يشبه الإمام البوصيرى سير النبي صلى الله عليه وسلم في الليل على البراق من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بالبدر في ظلمة الليل.

يقول:       

سريت من حرم ليلا إلى حرم                     كما سرى البدر في داج من الظلم

وبت ترقى إلى أن نلت منزلة                        من باب قوسين لم تدرك ولم ترم

وقدمتك جميع الأنبياء بها                         والرسل تقديم مخدوم على خدم

وأنت تخترق السبع الطباق بهم                في موكب كنت فيه صاحب العلم

ولكن بابو مسليار يشبه النبي صلى الله عليه وسلم بالسماء ويقول أن السماء أيضا سمت وتزينت بسبب معراج النبي صلى الله عليه وسلم.

يقول بابو مسليار:

أنت السماء فهل تطاولك السما               أنت الذي لما رفعت إلى السما

بك قد سمت وتزينت لسراك

إذ ذاك يا طه رأيت عجائبا                        شافهت رسل الله ثم مقربا

لاقاك كل بالهناء محببا                            أنت الذي ناداك ربك مرحبا

ولقد دعاك لقربه وحماك

الإشارة إلى شق القمر

يقول بابو مسليار:

والشمس قد ردت لأمرك هينا                   والقمر شق لدى الإشارة بينا

يقول البوصيري:

أقسمت بالقمر المنشق إن له                   من قلبه نسبة مبرورة القسم

سجود الأشجار أمام النبي صلى الله عليه وسلم

يقول البوصيري:

جاءت لدعوته الأشجار ساجدة               تمشي إليه على ساق بلا قدم

كأنما سطرت سطرا لما كتبت                    فروعها من بديع الخط باللقم

مثل الغمامة أنى سار سائرة                     تقيه حر وطيس للهجير حمي

يقول بابو مسليار:

قد خر فحل هائج لك طاعة                     ودعوت أشجارا أتتك مطيعة

وسعت إليك مجيبة لدعاك

يا من لديه أتى الأشجار ساجدة               يا من أتته الجبال شم طائعة

سكون النبي صلى الله عليه وسلم في غار ثور

يقول بابو مسليار:

والعنكبوت اتخذ نسجا ساترا                  باض الحمام هناك كي لا تبصرا

وسراقة قد حار من خسف عرا                وعليك طللت الغمامة في الورى

والجزع حز إلى كريم لقاك

يقول البوصيري:

وما حوى الغار من خير ومن كرم              وكل طرف من الكفار عنه حمي

فالصدق في الغار والصديق لم يرما         وهم يقولون ما بالغار من أرم

ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على           خير البرية لم تنسج ولم تحم

المعجزات الأخرى

يقول باب مسليار:

وأطاع أمرك جبل أحد ساكنا                   نطق الذراع بسمه لك معلنا

والضب قد لباك حين أتاك

من دار عباس دعوت فآمنت                    جدرانها فالولد طرا آمنت

بك صورة كانت بترس انمحت                   والذئب جاءك والغزالة قد أتت

بك تستجير وتحتمي بحماك

وإليك إذ ضحيت بدن أسرعت                 وكذا الفئام ببعض قرص اشبعت

والقصع بالتسبيح جهرا صوتت                 وكذا الوحوش أتت إليك وسلمت

وشكى البعير إليك حين دعاك

وكذا دفينتهم أتتك سميعة                       لدعاك صائحة تجيب سريعة

معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في أيام القحط

يقول بابو مسليار:

وكذاك ذمة جابر قد أبرئت                      الماء فاض براحتيك فسبحت

صم الحصى بالفضل في يمناك

لولاك لم تعرف ولم تك مسكنا                 ودعوت عام القحط ربك معلنا

فانهل قطر السحب حين دعاك

عن أن تكون له تبرا مسائلة                      يا من تفجرت الأنهار نابغة

من إصبعيه فآوى الجيش بالمدد

يقول البوصيري:

بعارض جاد أو خلت البطاح بها                سيب من اليم أو سيل من العرم

مقارنته بالأنبياء الآخرين

يقول بابو مسليار:

أعطيت شيمة آدم بل أجمل                     وكذا فصاحة صالح بل أكمل

وكذا رضا إسحق لكن أفضل                    هود ويونس من بهاك تجمل

وجمال يوسف من ضياء سناكا

من بعض نورك نور كل الأوليا                  بل من صفاك صفاء كل الأصفيا

بل من تقاك تقاة كل الأتقيا                     قد فقت يا طه جميع الأنبيا

الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم

يقول بابو مسليار:

يا رب صل على النبي محمد                       منجي الخلائق من جهنم في غد

يا رب صل على النبي محمد                       أزكى الصلاة مع السلام السرمد

يقول البوصيري:

مولاي صل وسلم دائما أبدا                     على حبيبك خير الخلق كلهم

عندما نعيد النظر إلى قصائد بابو مسليار نفهم أنه كان مدّاح النبي صلى الله عليه وسلم مثل الإمام البوصيري وغيرهم من الشعراء الكبار في عصور مختلفة. وقد بذل جهوده كلها لكتابة الأشعار ولإحياء اللغة العربية في ولاية كيرلا.

المصادر

  1. المدائح النبوية في الأدب العربي، زكي مبارك، منشورات المكتبة العصرية، صيدا بيروت، الطبعة الأولى 1935، ص:17.
  2. ديوان ترنقالي، أبو الفضل محمد باب مسليار الترنقالي، الطبعة الأولى 2011م، دار الأدب الإسلام، مالابرام، كيرلا الهند.
  3. قصيدة البردة، للإمام البوصيري رحمه الله.
منشور على الجدار

د. محمد صباح الوتودي

حدثنا الفيسبوك عن مستخدمة له، اسمها شروق من أرض فلسطين، أنها قالت في جدار لها وهي في حديث مع آلاف من الناس: “كنتُ أخافُ الوداعَ حتى جرَّبته بأنواعهِ الثلاثة: الموت، الصمت، الحديث الأخير. الأول بيد الله، والثالث بيد القاسي، أما الثاني فلا سامح الله مَن أذاقنا إياه.”

فقام أحد منهم وهو من الهند قائلا لها: ” إن الأديب يموت اذا فرغ من كتابة نصه الذي كان يعيش فيه. فيولد القراء من مسقطه -أي موته- ويحيون في نصه المتروك. ويفسرونه حتى إلى ما لم يرد به الكاتب “المرحوم” فيكون عاجزا عند تأويلاتهم عن نصه. ويولد الأديب مرة أخرى حين يأتي بعمل جديد فإذا انتهى من كتابته يموت مرة أخرى. فهكذا الأديب يولد ليموت ويموت ليولد. وأما الصمت متعة وهو أحسن الأحوال في زمن الثرثرة. وهو في كثير من الأحيان يكون أرقى وسيلة للرد على كثير من الكلام. والأحوال الصامتة فيها راحة للأنام. إن الليل صامت فتنام الطيور في خده، ويستريح الناس في قلبه ويستيقظ العباد لعبادة ربهم في كبده لأن الكبد تجتمع فيه الآلام وتتفتح منه الأحلام. وصدق من قال:” للصمت لغة أبلغ من الكلمات فاختر الصمت لغة ان خانتك الحروف يوما” . وصدق من قال: “الصمت في حرم الجمال جمال” . واما الحديث الاخير لا يكون الا بعد أوله واوسطه فإن طاب أوله قد يطيب آخره. فإذا تحسن آخره تحسن كله، وإذا تأسن آخره تأسن كله. وإذا كان الحديث الآخر يدور بين العشاق فيقول كل واحد منهم الآخر كن معي عند الموت لأن تكون أناملك آخر انامل تمسح على خدودي وان تكون رائحتك في أخر تنفس أتنفسه. وأن يكون وجهك آخر منظر في عيني. وأن يختم أذني بكلامك المسحور”.
فقال رجل آخر، وهو من فلسطين: “أولها بيد الله وما أجمل ما يريده الله وثانيها أستهويه في أغلب الأوقات لأنه الأفضل، أما ثالثها فلكل بداية نهاية وتلك سُنّة الحياة”.