ما معنى قرار المحكمة العليا عن أيوديا لمستقبل الجمهورية؟
سيدارت وارادراجان
ترجمه من الإنجليزية إلى العربية:
محمد إرشاد عالم، الباحث بمرحلة الدكتوراه، جامعة الإنجليزية واللغات الأجنبية حيدرآباد
ومن المستفيدين الرئيسيين من قرار المحكمة هم الذين يرتبطون بالاتهام الرئيسي بجريمة هدم المسجد،وليس هذا جيدا بالنسبة للهند.
لقد قام حكم المحكمة العليا في شان أيوديا بتسوية دعوى الملك في دعم جانب الادعاء الخاص بالهندوس ولاسيما تنظيم الهندوس العالمي، ولكنه من الواضح ان هناك للبلاد بشان السهم أكثر بكثير من ملكية ٢٠٧٧ أكرا من الارض كان يقوم عليها مسجد منذ أربع مئة وسبعين عاما حتى تم هدمه في أعمال نهب سياسي لايوجد نظيره في العالم الحديث.
ولقد أبطلت المحكمة العليا منطق المحكمة العالية الخطير القائم على الدين، واعترفت بطريقة غير شرعية تم من خلالها غرس أوثان رام في المسجد، واعتبرت بأنه كان هدم المسجد في عام ١٩٩٢ انتهاكا فاضحا لحكم القانون، وحتى القوات المتسمة بالمسئولية عن هدمه تجد أنفسها الآن على عتبة باب الملك القانوني للأرض. والموقع النزاعي سيديره تروست Trust))تنشأه الحكومة المركزية. وللحكومة والحزب الحاكم أفراد في صفوفها تم في الواقع اتهامهم بالمؤامرة عن هدم المسجد. ولمدة أكثر من ربع قرن أصبحت تصلح أيوديا استعارة لسياسة ريفينتشيزم(Revanchism) مزاوجا بين توسيع خيالي مصنوع حول شخصية رام مع العنف الجماعي والأغلبية واحتقار مذهل لحكم القانون.
وإن الهدف من هذه السياسة هو قلب الجمهورية مع مقدمتها الطبيعية التابعة للمساواة لجميع المواطنين واستبدالها بنظام حيث تجبر الأقليات المذهبية في الهند أولا ثم الطبقات الهامشية من عددالسكان ثانيا على العيش في عدم الأمن الدائم.
ولو كانت المؤسسات الديمقراطية الهندية قوية لتسبب هدم المسجد البابري في السادس من ديسيمبر عام ١٩٩٢ في إنهاء هذ السياسة بدلا من الاتسام مجردا بانتهاء مرحلتها الاولى. وإن هذه السياسة لقد توصلت اليوم إلى علامة مائية عالية جديدة، مفترضا أنها ليست نهائيا حسبما رأته مجموعة واسعة من الإعلام الوطني وأكدت الآن المحكمة العليا أيضا.
ومتسلحة بالرخصة من المحكمة، تبلغ عائلة سنغ(RSS) قصارى جهدها لتمحو وصمة العدل الجماعي، واللتي لاتزال لها قوة وضعفة أيضا في حركتها.
وفي أغسطس اعتز زعماء حزب الشعب الهندي(BJP) بكيفية استخدام مادة ٣٧٠ لقتل المادة نفسها ويأملون الآن أن يستخدموا القانون لإبادة العدالة.
وبالحب نحن نستطيع الاحتيال بأنه كانت المحكمة العليا تقضي نزاعا مدنيا، وفي الواقع لم يكن هناك أيّ شىء مدني حول ما صرح به قاضي في شعبة المحكمة قائلا ” هذه إحدى أهم القضايا في العالم” .
ولايمكن انفصال النزاع عن السياسة اللتي دفعته إلى الأمام. ولايزال يجري دعوى المك (Title Suit)عن المسجد البابري في شكل أو آخر منذ ١٩٤٩ ، وخاصة في محاكم فيض آباد حيث تقع أيوديا. وكان الصمت الوطني في الثمانيات، وشكرا لسياسة ذاتية كان يتمتع بها لال كرشن أدواني، وأتل بهاري باجبئ، وراجيو غاندي، واللاعبان المنسيان مثل وير بهادر سينغ وأرون نهرو.
قام زعماء حزب الشعب الهندي بمؤامرة هدم المسجد في السادس من ديسيمبر عام ١٩٩٢ ، وسمح لهم رئيس الوزراء الكونغريسي نرسمها راؤ بالفرار مع الجناية، وفعل بالمثل قضاة اليوم في المحكمة العليا.
وبعد ٢٧ عاما ظلت قضية الهدم تبقى، وحتى في وقت كانت فيه جميع الشواهد مسجلة والدلائل مبررة، والنتيجة في حيز عدم اليقين إذ أنه لايخفى أن الوكالة في جهة الادعاء – المكتب المركزي للتحقيقات – لقد فشلت في المحكمة تعمدا.
وكان القاضي إيس إي بوبدي على حق في ملاحظاته أثناء مقابلته ل”قناة إنديا تودي” – فور انتخابه رئيسا قادما لقضاة الهند – أنه لاتزال الحكومات للاقتناعات السياسية برمتها تتوصل الى السلطة في المركز منذ أن ظهرت قضية أيوديا في عام ١٩٤٩ لأول مرة. والحقيقة هي أن القضية – التي توصلت الى النهاية عن طريق الاستعجال في الوقت الذي يؤيد فيه الحزب الحاكم اليوم أحد الطرفين ويدعي بموالاته لقضية أيوديا – توجب أن تكون سببا يكفي ليزعجنا ويقلقنا حول مايحدث أمام الجمهورية.
وسبق لنا أن نمر بمسودة القانون للمواطنة اللتي تبعد فيما يظهر المسلمين اللاجئين. ولقد مر قانون يقوم بإضفاء الطابع الجنائي على ترك المسلمين زوجاتهم لاعلى الناس في الديانات الأخرى. وليس من التوافق أن جزء الهند وحده – حيث لايطبق حماية دستورية من الحرية وحرية التعبيرعما في النفوس – هو منطقة أغلبية المسلمين،كشمير.
المشاهد الممكنة
بينما كان يتوقع المحللون الشرعيون من الشعبة المتكونة من ثلاثة قضاة أن تصدر حكما فارقا دقيقا لايؤدي إلى فرحة النصر الحادة من أيّ الطرفين في النزاع، سيعزز وضوح حكم المحكمة في حق تيمبل معنوية أسرة سنغ(RSS ).
والحقيقة هي أنه يلتزم الحزب الحاكم والحكومة الآن ببناء رام تيمبل في موقع المسجد البابري، وهذا يعني أنه يمهد السبيل إلى تنفيذ سريع للمشروع. وطلبت المحكمة من الحكومة أن تؤسس لجنة ولكنه يبدو أنها لم تطلب حتى إبعاد الأفراد والتنظيمات من اللجنة اللتي لهم تورط في هدم ١٩٩٢ ، بصرف النظر عن الإصرار على شمول ممثّل من” فريق نرموهي أكارا” الذي هو المدعي الثالث لدعوى الملك.
وحتى قبل قرار المحكمة، عندما كان لها فرصة أن قد تؤيد إدعاء سني وقف بورد، لم يكن هناك أيّ سؤال قط عن بناء المسجد البابري في نفس الموقع. ولو فازوا ( سني وقف بورد) لكان ضغط عال على المدعيين ليتركوا مزاعمهم للارض. وحقا؛ في الساعات الكادحة عند استماعات المحكمة العليا، قام رئيس سني وقف بورد بالتوقيع على اقتراح التوسط المثير للجدل الذي وافق تحته على انسحاب الطعن ضد حكم المحكمة العالية مقابل التأكيدات أنه لاتجري من بعده السيطرة على الأماكن الإسلامية الأخرى للعبادة. وبدأ المدعون الآخرون من المسلمين يرفعون أصواتهم احتجاجا عليه.
والواقع أنه لم يكن المدعون الرئيسيون من الهندوس وخاصة تنظيم الهندوس العالمي(VHP)، حتى على استعداد للتوقيع على مثل هذه التأكيدات، وهذا من إشارة واضحة إلى أنه من المحتمل أن هذه “أهم القضايا في العالم ” سيتبعها الاخرون.
وقد طلبت المحكمة العليا من الحكومة أن تخصص خمسة أكور أرضا لبناء المسجد في موقع يناسب في أيوديا، ونسيت أن اهتمام القضية لم يكن لتوفير المسجد بل للتأكيد أنه ما اذا كان لأحد في الهند سماح باستخدام العنف ليبعد شخصا أو جالية من ملكهما. ومن المؤسف أنه يبدو هذاالسؤال مستجابا له، وذلك في الإيجاب ضمنا. ومن الأسوء أنه تم الاعتراف بالإبعاد من الملك والتعويض عنه، ولكن الذين لهم تورط في الإخراج والإبعاد هم يتمتعون حتى الآن بمنافع جناياتهم.
ومن الغريب أن المحكمة قد أعلنت عن وجود شاهد على عبادة الهندوس في الموقع النزاعي، ولم يوجد هناك أيّ شاهد يدل على إقامة المسلمين صلاتهم قبل عام ١٨٥٧ ، ولذا تسلّم الأرض إلى الفريق الهندوسي من خلال قوة الإمكانيات. ومما يظهر أن ذلك المنطق يمكن أن يطبق على المساجد الأخرى اللتي يطالب بها تنظيمات هندوتوا. وعندما يجري مرة استحلاب قضية أيوديا تيمبل في ميدان السياسة، فإن تنظيم آرإيس إيس سيرفع من طلبه في مكان آخر.
ولايفاجئنا مثل هذا الشىء إذ أننا لم نكن نعالج مع نزاع مدني بين الخصوم الذين يلعبون بالسلطة حسبما رأوه، ويجري هذااللعب على طريقة أنه لايخفى لنا جدول الأعمال السياسي لتنظيم آر إيس إيس الثقافي ، وأصبحت انحيازات حكومة أترابراديش والحكومة المركزية مفتوحة أمام الشعب، ولذا كان إصرار المحكمة العليا على التوسط موضوعا في غيرموضعه.
مصير القضية الجنائية
ومع أن المحكمة العليا اختارت التفضيل لتائتل سويت( دعوى الملك) عن طريق الاستعجال إلى النتيجة، فإنه ليس من الواضح كيف قصدت المحكمة لبناء جدار مفارق يمنع قضية الهدم من الدخول في حكمها الصادر على نزاع العقار. وقال القاضي بوبدي في مقابلته لقناة إنديا تودي أن المحكمة لم تكن تحاول تشريع القوانين على أساس الدين، وأظهر رضاه عن الاقتراح بأنه ” نزاع في دعوى الملك” ولكنه أضاف قائلا: “ومجرد شىء فيه أنه يبقى سؤال: ماهي ميزة البناء الهيكلي وما هو وصفه؟ هذا من إحدى القضايا، ولكنه لم يعد يوجد ذلك المبنى الآن” .
ثم، ألم يكن ينبغي هناك سؤال أيضا؟ وهو أنه لماذا لم يعد يوجد ” ذلك البناء – المسجد البابري – ؟ “
وأما المستفيدون الرئيسيون من قرار المحكمة العليا الصادر يوم السبت، فهم الذين يرتبطون بالاتهام الرئيسي بجريمة هدم المسجد. وإذا كانت قضية أيوديا تندرج في الواقع ضمن إحدى أهم القضايا في العالم فإنها لم تصبح إلّا من جراء العنف المنسوب اليها.
وهل يمكن حقا تسوية هذه القضية دون أن يعاقب الزعماء المسئولون عن ذلك العنف؟
ومثّلت شعبة المحكمة نظاما مؤثرا للحكمة القضائية، ولكن – للاسف – لم يحظى قضائهم بتلميح على هذا السؤال السياسي.