زئير الأسد سماء اليأس

في عهد الحكم البريطاني، توافد المبشّرون المسيحيّون من أوروبا إلى مناطق الهند للدعوة إلى دينهم المسيحي، وطفقوا ينشرونه في كل أنحاء العالم. وبدأ الناس يَنْجَرِفون إلى دينهم كفيضان الماء في النهر، فارتفع الخوف في قلوب المسلمين؛ إذ أعلن المبشّرون تحدّيًا للمسلمين قائلين: «هل منكم رجل رشيد؟ إن غلبتمونا في المناظرة خرجنا من الهند

مرّت الأيام كالأحلام، وانقضت الليالي كالأعراس، ولم يتقدّم أحد من المسلمين لقبول التحدّي؛ لأن الخوف من الفشل كان مسيطرًا على قلوبهم.

وفي صباحٍ ندِيٍّ طيّب النسيم، حين انقطع رجاء المسلمين وفشا اليأس القاتل والظلام الحالك، وانسدّت جميع منافذ الأمل لإقامة دينهم في قارة آسيا، تهيّأ رحمة الله الكيرانوي للمناظرة كزئير الأسد.

ارتفع الوعي في الساحة، واحتشد الناس جميعًا لمتابعة المناظرة. وألقى المبشّرون على رحمة الله الكيرانوي ثلاثة أسئلة بسيطة:

الأول: أين محمد؟

فأجاب بقوة ونشاط: إنه عند الله.

الثاني: أين كان محمد وقت معركة كربلاء؟

فقال: عند الله، لأنه توفي قبلها.

الثالث: ولِمَ لَمْ يشفع لحفيده كي لا يُقتل في كربلاء؟

في البداية بدا عليه التردد، وكأنه وقع في دوامة التفكير، فكرّروا السؤال مرة ثانية، ولم يحر جوابًا. فازداد سرورهم، ثم أعادوا السؤال مرة ثالثة وقالوا: «إن لم تجب هذه المرّة فستُعلِن فشلَك

فسكت برهة، ثم قال بقوة وحكمة:

«أنتم تدّعون أن عيسى ابن الله، فلماذا لم ينجِّه من الصلب؟ فكيف ينجّي محمدٌ حفيدَه من القتل؟»

فطأطؤوا رؤوسهم ذلًّا ودهشة، وألقوا سلاح الجدال أمام رحمة الله الكيرانوي معترفين بالهزيمة وبطلان دعواهم.

واستقبل المسلمون البطل استقبالًا حافلًا، وعبّروا عن تهانيهم بالتصفيق الحار.