الامتحان
نهلة ناصف
كنت أستعد من أجل هذه المادة كثيراً، كان دائماً في سابق الدفعات يبلغوننا بأن دكتور المادة يضع الامتحان بطريقه معقدة وصعبه جداً؛ وبعد مراجعاتي لكافة امتحانات الاعوام السابقة استطعت أن أفهم كيف يضع نماذج الامتحان، واستطعت المذاكرة جيداً، وبعد قلقي وطول سهري كانت أمي تجلس بجواري لتؤُنس وحدتي فی ليل صقيع وتشد أزري وتُحثني علی المداومة كلما تكاسلت وبدأت عيناي في التثاقل من أجل النعاس، كانت تأتي إلي بفنجان القهوة وتُحثني علی المذاكرة، وتخبرني أنني إذا تعبت سوف احصل نتيجة تعبي؛ أتممت المذاكرة علي أكمل وجه وأبلغتها أنني ذاهبة للخلود الي النوم بمقدار ساعه او أثنين كي ارتاح فلقد اصبحت الآن مستعدة للامتحان، وضعت قبلة علی يدها وقلت لها تصبحين علی خير يا امي ادعو لي كثيراً.
وفي صبيحة اليوم الثاني ذهبت بكامل نشاطي وحيويتي الي أداء الامتحان وكلي ثقه ويقين بأنني سوف اتم الامتحان علي اكمل وجه وسأحقق اعلي الدراجات، ولكني حينما ذهبت الی لجنه الامتحان كانت تشبه غرفه واحده وكان بها مقعد واحد فقط، اندهشت لذلك ولكني جلست عليه وانتظرت لاري كيف سيؤدي باقي الطلاب الامتحان، لكن دون جدوي لم يأتي أحد وجلست بمفردي ظننت أن لكل طالب لجنة، وهذا كله من صميم تدابير دكتور المادة كي لا يستطيع باقي الطلاب معاونة بعضهم البعض، لكن الغريب في الامر دخل إلي اثنين من المراقبين هممت بأخراج أقلامي وما يلزم لأداء الامتحان، لكني تحيرت كثيراً فلم يعطوني ورقه للإجابة، ولم يعطوني ورقة للأسئلة علی الرغم من أن كان بين أيديهم ورقة وقلم، وفوجئت أنهم بدأوا بسؤالي فظننت أن الدكتور قام بتغير طريقه الامتحان وجعله شفوياً لذلك جعل كل طالب في لجنة، وحينما بدأوا بسؤالي لم أجد سؤالاً واحداً مما أعددت له كانت؛ الأسئلة غريبه لكنها مألوفة لدي لكني لم استطع الجواب بالشكل المنطقي، وتلا السؤال أسئلة غيرها ولم تكن اجاباتي منطقيه، ولكني سالتهم هل غير الدكتور المادة فهذا كله خارج عن كتاب المنهج الذي اعطاه لنا في بادا الترم؟ لكني لم احصل علي اجابة كانو يكفون بالنظر الي فقط ومعاودة سؤالي من جديد، وحينما انتهوا من الأسئلة خرجوا من اللجنة ولم اسمع لهم صوت، وبدأت في النحيب كثيراً لأنني علمت سلفاً أنني سوف أرسب في هذه المادة وانه ضاع سهر الليالي هباء وتعبها، اه يا اماه لو تعلمين كيف ضاع تعبي وتعبك وانتحبت كثيراً، ولم اشعر كيف مر الوقت وحينما استفقت واخرجت رأسي من بين يدي ومن علي قدمي وجدت المكان مظلم كثيراً حاولت النهوض لكن فجأة ضاق المكان بي ولم أستطع الوقوف إلا منحنية القامة؛ احاول فتح الباب لم يفتح أُخبط عليه مرات ومرات لم يفتح، يضطرب قلبي ويخفق كثيراً و أُنادي هل من أحد يسمعني، أين أنا أنقُذوُني المكان مظلم كثيراً وأنا خائفة، أخرجوني لكن دون جدوي وبعد محاولات ومحاولات؛ رأيت نوراً بسيطاً في يد شخص قادم طلبت منه النجدة وأعطائي ما في يده من النور، لكنه رفض وأفزعني كثيراً بحديثه؛
– قال لي لماذا لم تذاكرين جيداً
-أبلغته با أنفاس متقطعة لقد ذاكرت لكن دكتور المادة كان معقداً للغاية وفاجأني با امتحان اخر لم يكن داخل المنهج كان كله خارجه، – لكنه أخبرني لم اعني المواد الدراسية والشهادات العليا، – قطبت جبيني باستغراب وتسألت في نفسی إذاً علی ماذا يقصد المذاكرة!!
-لماذا لم تكثرين ولو القليل من الوقت في كتاب داخل منزلك منذ نعومة أظافرك إلي حين أن كبرتي الآن؟
-تحيرت في سؤاله وتعصبت وسألته ماذا تقصد اسئلتك غريبه مثل هؤلاء المراقبين أجبني بصورة واضحه كي افهمك؟
-أخبرني لو كنت اسمح لنفسي بقليل من الوقت مع كتاب الله كان قد يكون لدي نور مثله وأنيس لداري في وحدتي؛
-فتحت فاهي علي اخره وعلت الصدمة ملامحي وسالته متلعثمة في سؤاله ماذا تقصد بحديثك هذا أين أنا ومن أنت ومن هؤلاء المراقبين؟ رحل وتركني في حيرتي وصدمتي، ناديت عليه أستحلفته بأن يتوقف لكن دون جدوي، رجعت حيث كُنت لكن هذه المرة رأيت جسدي ممد الی الارض وروحي تجلس في زاوية متأكاة إلی الجدار مسندة راسي بين قدماي؛ أنظر حولي وأتسأل ؟؟ أين ذهب أفخم الاثاث وأرقي المفروشات والوسائد الناعمة، ظللت أبكي كثيراً وأردد لقد فات الأوان، ولم أدري كم مر علی من الوقت كم يوم أثنين، عشرة فلقد تشابهت الدقائق بالساعات والايام بالسنين والليل بالنهار، كُنت جل ما أعرفه من خلال دراستي الأولية في كلية الطب كم يوم مر علی من منظر جسدي المتعفن والرائحة النتنه الذي كان يصدرها؛ ومن بين بكائي وتحسري علي ما مضي من استهتاري بهذه المادة، ايقظتني امي بشدة أفيقي سوف يفوتك الامتحان وترسبي وسيضيع جل تعبك، شهقت وأعتدلت في جلستي وأحتضنت أمي بشده وحمدت الله علي هذا التنبيه و أنه كان حلماً فلا يسعنی بأن أصفه كابوساً بلا أنه درس كان يجب أن أتعلمه وانني بمقدوري تصحيح أمور حياتي قبل فوات الاوان حيث الندم لا يجدي نفعاً فصدقاً يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان.