السماء لا تمطر ذهبًا
نتساءل لماذا أدعو ربي كثيرًا ولم يستجب لي؟ هل لم يسمع صوتي؟ وتطرح رؤوسنا أسئلة كثيرة لا حصر لها!! ولكن دعني أسألك قبل أن تتساقط تلك الأسئلة التي برأسك، إلى فقدان الإيمان وتزعزع الثقة في الإله. هل قدمتَ خطوة نحو مبتغاك؟ السماء، يا عزيزي، لا تمطر ذهبًا ولا فضة عليك، عليك ببذل الجهد والسعي. دعني أوضح لك أكثر، كان الله قادرًا على أن ينزل على السيدة مريم العذراء الرطب دون عناء وهي أم نبي، ولكن ليُعلمنا الله درسًا في ضرورة السعي. قال لها: “هُزي إليكِ بجذع النخلة تُساقط عليكِ رُطبًا جنيًا” (سورة مريم، الآية 25). ومن الدروس المستفادة من هذه القصة هو أهمية العمل. فهل تستطيع هذه السيدة التي وضعت للتو أن تهُز نخلة أو تحرك ورقة من مكانها؟ لا، ولكن كل ذلك كان من جنس العمل ليُعلمنا الله أننا لا نستطيع الحصول على ما نريد دون جهد وسعي. إذًا، يأتي السعي أولًا ثم العمل.
دعني أسألك لماذا هربت السيدة هاجر في هذا الحر الشديد بين جبلي الصفا والمروة وهي زوجة نبي وأم نبي؟ كان كل ذلك من أجل أن تبحث عن قافلة مارة تساعدهم. هذا كله كان من جنس السعي. كانت تستطيع البقاء في مكانها والاعتماد على أن الله سيساعدهم، ولكن كما ذكرت أن السماء لا تمطر ذهبًا وفضة، لذلك أمرهم الله بالسعي. ولماذا لم يتفجر ينبوع الماء تحت قدمي سيدنا إسماعيل دون أن يركل الأرض بقدميه عدة مرات؟ أيعقل أن يتسبب ركل طفل رضيع بفجوات المياه؟ ولكن كل هذا يُظهر وجوب السعي مع العمل.
يثيرني كثيرًا مزاح الشباب عندما يطلبون من الله أن يهديهم إلى طريق الرشاد، ثم يبتسمون ويقولون إنهم حاولوا كثيرًا ولكن دون جدوى. عزيزي الشاب، دعني أسألك، هل أخبرت الله بذلك؟ هل قلت له أنك تحبه وترغب في التقرب منه؟ هل بذلت مجهودًا مثلما تفعل من أجل من تحب؟ إذًا، لماذا تطلب شيئًا دون أن تسعى إليه وتعمل من أجله؟
يأتي أيضًا إلي سمعي كثيرًا أنني أرغب في التغيير في شخصيتي وأنني أدعو الله كثيرًا لمساعدتي، ولكن دون جدوى. هل قدمت خطوة نحو هدفك ليساعدك الله؟ لا تنتظر شيئًا دون أن تسعى نحوه بخطوة واحدة.
إذًا، لتحقيق مبتغاك، لا تعتمد على الانتظار فقط، بل انطلق نحو هدفك واعمل بجد. العمل هو السبيل لتحقيق النتائج. كما أكد الله في كتابه الكريم “وأن للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يُرى” (سورة النجم، الآيات 39-40). فكن على استعداد لبذل الجهد والسعي، وستبهرك النتائج.