وزير الثقافة يهتم بالثقافة
د.محمد صباح الوتودي
تلعب وزارة الثقافة في قطر دورًا هامًا في تعزيز الثقافة والفنون في البلاد، وتعمل بشكل مستمر على دعم المؤسسات الثقافية وتعزيز الهوية الثقافية للدولة. ولقد عقدت وزارة الثقافة في قطر موسمًا من الندوات والمؤتمرات تحت عنوان “موسم الندوات”، الذي استقطب الكثير من المهتمين في مختلف المجالات. وقد شمل برنامج “موسم الندوات” العديد من المحاضرات في مجالات متعددة، مثل الفن والثقافة والعلوم والتكنولوجيا وغيرها. وتم تنظيم هذه الفعاليات بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وجامعة قطر.
في برنامج “موسم الندوات” الذي عقدته وزارة الثقافة في قطر، كان المتحدث المعماري عبد الواحد الوكيل الذي يعد أحد أهم الشخصيات العربية في مجال المعمار، إذ امتلك مسارًا مهنيًا مميزًا في هذا المجال واستطاع أن يحقق إنجازات مميزة ومشاريع رائعة في مختلف دول العالم. وتكلم المعماري عبد الواحد الوكيل حول موضوع “المعمار في ثقافتنا”، حيث أثرى هذا الموضوع بكلامه عن أساسيات الهندسة المعمارية والفرق بين المجمعات السكنية والأحياء ، وفي خلال حديثه ذكر مشروعا كان قد اشتغل عليه في إحدى الدول وجهز كل الملفات لعرضه على وزير الثقافة آنذاك الذي لم يعره اهتماما ، فعلق على هذه الحادثة بسخرية وذكر أن وزير الثقافة في هذه الدولة يهمه الرقص والفن الهابط ، ولا يهتم بمجال المعمار وتطوره ولا بمجالات تهم بلاده . فأنقذ محاوره الموقف وقال بأسلوب فكاهي، مؤكدًا أن وزير الثقافة لقطر مهتم جدا بمثل هذه الأمور. والملفت هنا أن سعادة الوزير الشيخ عبد الرحمن بن حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني كان يجلس في الصفوف الأولى مع الجمهور، فهذا التدخل أثار موجة من الضحك وسط الحاضرين حتى لدى الوزير وكبار الشخصيات الآخرين.
تأتي هذه الحادثة لتؤكد أهمية الثقافة والاهتمام بها، حيث أنها تشمل مجموعة من المجالات المهمة والتي يجب أن يتم الاهتمام بها جميعها، سواء كانت مجال المعمار أو الفنون وغيرها. ولذلك، يجب على الأفراد والجهات المعنية بالثقافة أن يعملوا معًا من أجل تطوير هذه المجالات وتعزيزها، حتى تتمكن المجتمعات من الاستفادة منها والتمتع بها.
ومما أثار إعجابي ودهشتي في آن واحد هو حضور وزير الثقافة لكل جلسات برنامج موسم الندوات. فقد كان يجلس مع الجمهور ويتابع الجلسة من البداية إلى النهاية. فقلت لأصدقائي – من الجزائر والمغرب الذين حضروا معي الندوات – : أن هذا أمر عجيب، وفي بلادنا الهند الديموقراطية قد يأتي الوزير في البداية ليفتتح الجلسة ثم ما يلبث أن ينصرف بعد عشر دقائق على الأكثر.
وفي جلسة أخرى من جلسات موسم الندوات التي كان موضوعها “تاريخ الاندلس”، تدخل شيخ كبير في السن من الجمهور أثناء أوقات طرح الأسئلة (لا أعرف من هو، ربما يكون وزيرا سابقا أو يشغل منصبا حساسا في الدولة)، وقال: “أن نرى لوزير ثقافتنا هذا الاهتمام البارز وانشغاله بما طُرِحَ في هذه الندوة لهو أمر عظيم، والفضل في هذا يرجع إلى أبيه وجده أيضا الذين كان لهما قصب السبق”
جهود الوزارة الثقافة لم تساعد فقط على الترويج لدولة قطر كمحور ثقافي بل أتاحت فرصًا للقطريين رجالا ونساء لاستكشاف تراثهم والتفاعل معه. ودرب الساعي وفعالياته من أهم المثال لهذا الجهد العظيم لوزارة الثقافة في هذا المجال. وهذا معرض عظيم للمواطنين والمقيمين والسياح على حد سواء للاستمتاع بالتراث الثقافي الغني لدولة قطر وتعلم المزيد عن تقاليدها وعاداتها. كما أنها فرصة للشعب القطري للتجمع والاحتفال بالهوية الوطنية والفخر. ويعتبر حدثًا مثيرًا ونابضًا بالحياة يعرض أفضل ما تمتلكه الثقافة والتراث القطري. إنها وجهة لا بد من زيارتها لأي شخص يرغب في الاستمتاع بالتقاليد والعادات الفريدة لهذه الدولة الرائعة. ومع استمرار الدعم من قبل الحكومة، يمكننا التوقع بمزيد من النمو والتطوير في المشهد الثقافي القطري، مما يجعله وجهة أكثر إثارة وديناميكية لعشاق الثقافة من جميع أنحاء العالم.