تأثير نوبل أني أرنو وما يخص أدب الذات بالأدب العربي
إسلام عشري
الصورة للسيدة آني أرنو الفائزة بجائزة نوبل للعام المنصرم، وقد قرأت لها عملا واحدا يدعى “المكان”..
أشهر أعمالها رواية تدعى “الأعوام” وتعتبر سيرة ذاتية لها.. وذكرني هذا العنوان بعمل غائب عن نجيب محفوظ.. كان قد كتبه على غرار “الأيام” لطه حسين..
تحدث نجيب محفوظ مرارا عن غرامه بأيام طه حسين، وله كل الحق، فهو عمل ثوري وقتئذ.. رواية الأيام لطه حسين عبارة عن سيرة ذاتية حياتية لطه حسين نفسه.. وكان ينظر للكتاب وقتئذ بنظرة سيئة، وكأن لا يكفي لطه حسين ذلك، بل أضاف الخوض بسيرة عائلته، ونفسه معا..
كما كتبها طه بطريقة حرفية، أقرب لمقامات الهمذاني، والتي تغلب عليها القافية، وأحيانا الشاعرية، وطبعا قتامة العيش وقتئذ..
يوجد كذلك رواية تدعى “الأعوام” لفيريجينا وولف، والتي قمت بترجمة أحد فصولها، ولم يحالفني الحظ مع الناشر..
المهم لكي لا أبعد عن مقصدي، هناك العديد من العناوين الهامة التي تحمل عنوان “الأعوام”..
أريد التحدث عن الثورية التي حملتها كتابة آني أرنو، ربما قربتها من نوبل.. الكتابة عن المرأة، القضايا التي تواجهها، الإجهاض، ومجالات العمل مع الرجل وغيرها.. كذلك الكتابة الذاتية، التي تعتبر نوعا من التعري الداخلي..
قرأت بالغرب كتبا ك”اختراع العزلة” لبول أوستر، والذي تنصلت عائلته منه، عقب كتابته.. ولا زلت أقرأ رواية “لون الماء” لجيمس ماكبرايد، وهي رواية، مع سيرة ذاتية.. رواية لأمه متخيلة من جانبه، وسيرة ذاتية له معها، رواية الأم بفونت أكبر، وروايته بفونت أقل قليلا..
بحين أن النماذج العربية، التي تعبر عن نفس الكاتب نفسه، نادرة، حتى نموذج نجيب محفوظ، ومنتظر لأعوام لنجيب محفوظ ربما تكشف جانبا جديدا من حياة نجيب الخفية..
قرأت مثلا “الخبز الحافي” لمحمد شكري من المغرب، وكذلك كتابات أستاذ “نعيم صبري” من مصر.. وهي كتابات باهرة الجمال، كذلك في مخططي قراءة عمل ل”عمرو عزت” يدعى “غرفة 304 كيف اختبأت من أبي العزيز 35 عاما” وهو عنوان مبهر للغاية..
لكن كل الكتابات العربية من هذا النوع نادرة، حيث أن الحديث عن العائلة يعتبر نوعا من الجرم، والتنصت على الأسرار، وهو بعرف العرب شيء مخجل للغاية..
أو مهما حاول الروائي العربي، هي محاولات لإلباس السيرة الذاتية، في ثوب روائي.. وذلك يعتمد بشكل كبير على حرفة الكاتب.. ربما نجح في ذلك أو ربما رسب..
رغم كون الكتابة، أساسا نوع من التعري الداخلي، أو ربما التخلص من أعباء كبيرة، يصعب التحدث عنها..
لا يعني هذا تمجيد النموذج الغربي، على الإطلاق، ربما لا يوجد أي نموذج على الإطلاق.. في الكتابة لا توجد إجابة نموذجية، وربما هذا يعتبر أحد أسباب فن الكتابة..