يا حسنى اصبري

إبراهيم الندوي

كان في مدينة بعيدة من عاصمة, فتاة صغيرة جميلة ذكية ,في أحد الأيام استيقظت من نومها صباحا لتذهب الى المدرسة ذهبت الى الاستحمام فغسلت لما فرغت من الغسل خرجت نحو الغرفة  فإذا مرت أمها بغرفتها، رأتها تلبس لباس المدرسة قالت لها ماذا بك ؟ أين تذهبين صباحا  فقالت الى المدرسة مبتسمة  أخبرت أمها أن عطلت وأغلقت المدارس والكليات والمكاتب والمراكز التجارية الا المستشفيات والصيدليات ومخافر الشرطة بسبب تفشي الكرونا في أقطار العالم  فسرت بسماع العطلة ورقصت كما انتفض العصفور من بلله ورقص ثم قضت عطلتها بنشاط و حيوية ولعب ولهو صباحا مساء .

فثم في وقت اللاحق غضبت أمها على ضياع أوقاتها الفراغة وغبن صحتها خاصة بألعاب الفيديو ومشاهدة أفلام الكرتون وشتمتها وضربتها ضربا شديدا بالعصا وتركت مليا وملت بها لما لم يكن فيها شيء مختلف من المتعة والترفيهية وكانت تلك مفاجعة لها وهي تردد في وقت وآخر ثم جلست بجوار النافذة تنظر الى الشوارع خالية من السيارات والماشيين فخطرت في بالها صورة ورسمتها في ورقة ,جاء ابوها سائلا يا بضعتي بما تشتغلين ؟ وقع نظره على هذه الورقة فجأة وفيها فتاة صغيرة، مطرقة الرأس بما يبدو عليها الحزن، قائمة بالوحدة محاطة الغيوم والأمطار فأدرك أحاسيسها وأمسك عن الكلام معجبا.

قالت :يا أبي إلى متى نبقي مستمرين في المنازل ؟ إن الدنيا ومن فيها تسجن بالفيروس المستجد الذي يقبّل قاصيها ودانيها وأما رأيت عطيسة صغيرة تسبب للهروب بعيدا؟  وأما رأيت أعينا لم تزل تسيل دموعها، وأذرعا تمتد الى باريها وقلوبا تبتهل الى ربها و أقدامنا تغادر إلى المنازل على  ساق بلا مواصلات أميالا و بطونا تربط  بالأحجار من الجوع وأصبحت الملاعب والقطارات مستشفيات ثم إن تزايد عدد الإصابات بهذا الوباء  يقل ضحاياها وإن تزايدت ضحايا الإصابات يقل عددها .

ثم توقفت عن الكلام وتعلقت بثوب أبيها رعبا وخوفا على الفيروس الغامض  وأخذت توجه الحديث اليه … قالت ان هذا الفيروس كائن لا يرى بالعين ولا أدري من أين يأتي و هل يدخل الى جسدي ويوهن ويتعب نفسي ويفقد داستي الشم والتذوق حتى يميتني؟ وقالت حزينة إن الأحلام كلها أصبحت سحابة عارضة والكمامات تغطي الوجوه و الأيادي تجمح عن المصاحفة والجثث مطروحة ومدفونة والعالم يحاول السيطرة على هذا الوباء وها تلك الامور تحملني على الرعب والقلق والخفقان.

وبكت رافعة صوتها .

أخذها والدها بالود وقال :  اصبري يا حسنى لان الغم والهم عند البلاء يعجزك وما نزل الداء الا بدواء ان وصل الى كل بلاد العالم وما يعلم جنود ربك الا هو لانه يحيط كل شيء ولا ينتقل العدوى بنفسه الا اذا أذن الله لان بيده كل شيء ومهما كنت قوية النفس ومتفوضة امورك الى الله ومتوكلة عليه ومتخشية بذكه ومستغفرة عن الذنوب ومواظبة على الصلوات الخمسة ومكثرة على صلوات  النبي  فانت في ذمة الله وقضيته ولا تحملي نفسك فيما لا طاقة لك

وأضاف قائلا أن انشغلي عن ألعاب الفيديو وقومي بالقراءة والرياضة واهتمي برعاية قوة حمايتك التي تحفظك من البكتيريا واغسلي يدين بانتظام بماء والصابون وتجنبي لمس عينيك وأنفك وفمك بغير نظافة اليد وسلي الله العافية والصحة . فأصبحت حسنى سعيدة بحديث أبيه و هزت رأسها بالسرور ثم تقفزت قفز الأرنب. وعادته إلى طبيعتها من القلق والرعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *