أنتم خصومهم أمام الله يا أمة الخذلان

أكبر خيانات مرّت على العرب منذ فجر التاريخ بدأت مع الخائن أبورغال الذي أرشد أبرهة إلى الطريق لمكة حينما عزم على هدم الكعبة المشرفة، وكان ذلك مقابل المال، وكانت نهاية أبرهة كما يعلم الجميع وأنزل الله سورة تُصوّر النهاية العظيمة لهذا المجرم وجيشه.

أما الخيانة الثانية فكانت من نصيب ابن العلقمي الذي خان الخليفة العباسي المستعصم بالله عندما استأمنه على الدولة وأعطاه كامل الصلاحيات في القرارات المصيرية، فقد كان هو الدولة ومفاتيحها بيده، إلا أن غلّه على الإسلام وأهله ودولته، جعله سبباً رئيسياً في سقوط الدولة العباسية التي حكمت الأمة لأكثر من خمسة قرون، حيث كاتب هذا الخائن التتار وزعيمهم هولاكو وشجعه على احتلال بغداد وتدميرها وقتل أكثر من مليون ونصف من سكانها، وطمع هذا الخائن في وعود هولاكو له بحكم العراق، ولكن هولاكو أهانه أشد إهانة وندم حيث لا ينفعه الندم، ومما يحكى عنه أن عجوزاً مرّت عليه في آخر أيامه مطأطئ الرأس عليه أمارات الذل، فقالت: أهكذا كان يعاملك بنو العباس ؟

فمات كمداً وحسرة على مجد ضيّعه، وسلطة بدّدها، بعدما ارتمى تحت أقدام التتار، وباع دينه ووطنه.

أما الخيانة الثالثة فهي للملك الصالح إسماعيل الذي كان يحكم دمشق وفلسطين، فطمع في ضم مصر إلى مملكته، فاستعان بالصليبيين لمساعدته على حرب ابن أخيه الملك الصالح أيوب ملك مصر، مقابل إعطائهم فلسطين، فدعا الصالح أيوب الخوارزميين والذين يشكلون قوة إسلامية في الشرق وتحالف معهم وعبر بهم وبجيشه إلى بلاد الشام وتوجهوا إلى بيت المقدس فحرروه من الاحتلال الصليبي، وبقي تحت حكم المسلمين حتى عام 1914 باحتلاله من قبل البريطانيين.

ومنذ ذلك العام وحتى يومنا هذا والأمة تعيش في خيانات متعاقبة ليست أقل سوءا ودناءة من سابقاتها، فما يعيشه إخواننا في قطاع غزة من قتل وتشريد وتجويع منذ السابع من أكتوبر 2023 لهو أكبر خيانة وهوان وذلة تعيشها أمة الملياري مسلم، فلم تشفع استغاثات ولا استصراخ أهل غزة لحكام وشعوب أمة العرب والإسلام، ولم تتحرك نخوتهم لكسر هذا الحصار الجائر الذي أطبقه عليهم الكيان الصهيوني المحتل ومنع عنهم الغذاء والدواء وكل شيء يبقيهم على قيد الحياة، يُمارس ضدهم مجزرة ممنهجة ضاربين بكل النداءات الإنسانية عرض الحائط غير مبالين بهذا الشعب الأعزل الذي تحيط بحدوده دولا عربية شقيقة وملايين من الشعوب الغفيرة التي لا حول لها ولا قوة!.

فلا تتأسّف عليهم يا أبا عبيدة ولا تتحسّر على هوانهم وذلهم، يكفي أن تتحسّب عليهم وتجعلهم خصومكم أمام الله، فوالله من كان الله خصيمه فلن يهنأ في عيشه مهما طال به الزمان، فلا خير في هذه الحياة ونحن نرى إخوتنا يُقتّلون وتمارس فيهم صنوف العذاب من تجويع وتشريد، وحسبنا وحسبهم الله فيمن خذلهم وساهم في إطالة مدى معاناتهم.

فاصلة أخيرة

تابعنا خلال الأيام الماضية كيف تدخلت العشائر السورية الأصيلة الشهمة واستجابت لاستغاثات إخوانهم البدو من أهل السويداء ودحروا عصابات الهجري، تخيلوا معي لو تحركت مشاعر ونخوة الشعوب العربية وانتفضت أمام حدود الدول العربية المتاخمة لحدود فلسطين المحتلة، والله لن تمر ساعات إلا وسنرى الصهاينة يرفعون الحصار عن غزة ولزال الاحتلال الصهيوني ولتحررت كامل أرض فلسطين من براثن بني صهيون، ولكنه مستبعد ومستحيل أمام أمة لا إرادة لها.