الابتزاز العاطفي

“لو كنت تحبني لفعلت كذا وكذا من أجلي” هي عبارة رخيصة يستخدمها أصحاب النفوس المريضة من أجل الحصول على كل شيء وعدم خسارة أي شيء. يرجع ذلك إلى الطفولة نظراً لأن أحد الوالدين يستخدم عبارات مثل “افعل ذلك من أجل أن أحبك”، “لو فعلت كذا سوف أحبك”، “لو فعلت كذا ستسعد أباك”، “لو فعلت كذا ستفرح والدتك”. جميعها عبارات ابتزاز عاطفي يستخدمها الوالدان لكي ينفذ الطفل ما يأمرانه به، دون أن يعلمان عواقب تلك العبارات عليه حينما يكبر في علاقاته الشخصية في تكوينها ومفهومها. نتاج ذلك، تترسخ تلك العبارات في دماغ الطفل ويشب على هذه العقلية.

وإليكم بعض أنماط الابتزاز العاطفي:

النمط الأول:

البعض يترجم العاطفة والمحبة حسب هواه؛ على سبيل المثال: “أليس أنكِ تحبينني؟ إذن تنازلي قليلاً عن طموحكِ، أليس أنكِ تحبينني؟ ابتعدي عن كل أهلكِ وأحبائكِ وابقِ معي، أليس أنكِ تحبينني؟ اتركي كل ما تحبينه من أجلي.”

– “لكنني لا أستطيع فعل ذلك.”

– “إذن أنتِ لا تحبينني، لأن لو كان في قلبك ذرة حب، لكنتِ فعلتِ ما أحب.”

– “حسناً، سأبتعد.”

– “أرأيتِ؟ أنتِ لا تحبينني، لو كنتِ تحبينني، لكنتِ تحملتِ كل شيء من أجلي، لو كنتِ تحبينني، لكنتِ تحملتِ عصبيتي وتنازلتِ عن طموحكِ وابتعدتِ عن كل أحبائكِ وجعلتني محور حياتكِ وتخلّيتِ عن راحتكِ من أجلي. لكنكِ لا تحبينني؛ غالباً أنا اخترت خطأً، لأن من يحب يتنازل ويسامح بلا حدود ويتحمل، لكنني أرى أنكِ لا تمتلكين أي شيء يدل على أنكِ تحبينني.”

النمط الثاني:

تعالي نذهب إلى المكان الفلاني أنا أحبه، تعالي نسافر إلى المنطقة الفلانية أصلي أحبها، ارتدي هذا الأسلوب لأني أحبه، وهكذا كثيرًا… من أنماط الابتزاز العاطفي. من خلال تلك البوابة تجد نفسك تفعل كل ما يحبه ويريده الطرف الآخر، ولا يفعل هو أي شيء من أجلك، وتفقد أنت هوايتك وتصبح نسخة مما يريده هو. إذا كنتِ/كنتَ تقابل هذا النمط في حياتك، فللأسف أنت تستغل باسم الحب.

سؤال:

لماذا لا تعكس الأمر عليه؟ إذا كنتَ تحبني، لماذا لا تتنازل عن شيء أو آخر لأجلي ولأنك تحبني؟! لماذا يجب عليَّ أنا التنازل دائمًا وأنت لا تتنازل عن أي شيء؟! لماذا يجب أن أكون أنا الشخص المضحي والمتهاون في حقوقه من أجل الحب؟! لماذا لم تفعل أنت شيئًا من أجلي؟ الحب أسمى من كل تلك الادعاءات. الحب هو أن أحترم مساحتك الشخصية، أن أتفهم طموحاتك وتطلعاتك. الحب هو أن أفهمك وتفهمني، أن أتنازل من أجلك وتتنازل من أجلي؛ كما يقولون: كل مفعول مردود، فما تحب أن أفعله معك افعله معي كي يعود لك. العطاء متبادل، لا يوجد ما يسمى بالتنازل والتضحية في قانون الحب. إذا كنتَ تهواني، اقبلني كما أنا حتى وإن كان غير متناسب معك. لم يكن هذا أبدًا هو الحب؛ قبل أن تفصحوا عن مشاعركم لمن تحبون، تعلموا في البداية كيف يكون الحب. الحب يقوي، لا يضعف، الحب يقدم، لا يؤخر. اجعل قلبك وعقلك في الحب كالصنارة؛ القلب كالخطاف العالق في الخيط، والعقل هو العصا التي تتحكم فيها. كلما اجتر قلبك وراء الوهم، أنجاه العقل بسرعة الرد حتى لا تُستنزف عاطفيًا.