هائية المصطفى

نَأسو علي طللٍ، راحت لياليهِ

عشنا الهوي ألقاً، والذِكرُ يبقيه

عاد البُكا عِوضا عن لَحظِ أعينهم

أَمِنْ طبيب هنا، بالقرب يشفيه؟

لا غادرتْ سَقَمي، بالهجر تنشره

ولم يَعُد أملا في البعد يُحييه

تمشي بنا للهوى ذكري تُبَاغِته

ترنو لنا – هكذا- بالدمع تَسقيه

تضنُ بالبسماتِ، البخل يقتُلني

أَرنو لها شَذَرا، بالدمع تشقيه

مِن جهلها سألتْ عن سر دمعتنا

العشقُ يُوجعُنا والشوقُ تَالِيه

هل آثرَتْ شَجَني أحيا صبابَتَه

أم آثَرتْ حَزَنِي، بالهُزْءِ تَرْميه؟

أَبْكي علي طللٍ قد راح عُوّدُه

قد آثروا شجنا، ما اللهُ راضيه

قد أوعَدَتْ كلّ رَكْبٍ عندها كَذَباً

حُلوَ اللسانِ، شَهِيَ الوِرْدِ تَسقيه

وَبعدَ عَهْدٍ، فما أَوْفَتْ لنا طَمَعَا ً

قد خَاصَمَتْ سَرَفَا، بالبين تُشقيه

يالائمي في الهوي، اُنْظُرْ حُشَاشَتَه

هذا رسولٌ مضتْ القومُ تَبْغِيه

بالذكرِ جاءَ فلا لحنٌ ولا خَطَلٌ

بالذكر جاء، فلا قولٌ تُمَارِيْهٍ

رسولُ حبٍ بَنَى والمجدُ رابيةٌ

حتى دَنَا المجدُ عنقودا يُلاقيه

لا يلبسُ الحقَ ثوبا كنتَ تَخْلُقُهُ

وقولُ زورٍ بدا، أَني خَوَافِيه

عَزً الصحابُ، جميعُ الخلقِ نافلةٌ

قد قمتَ فردا، بلا صَحْبٍ تُناجيه

قالوا رسول سرى بالليل يُعْجِزُنَا

هل صُدّقَ الحقُ، تُرجي معانيه؟

قالوا رسول أتى بالهدم أوعدنا

بل هكذا قَصص والحَقُ ينفيه

تزداد حِلما، فيزدادونَ من بَلَهٍ

ويَمْنعونَ عَطاءً أنتَ مُزْجْيه

فلا دعوتَ عليهمْ مثلهمْ أبدا

ولا جَهِلتَ كما شاءت بَوَاغِيه

قد حاولوا في كتابِ الدُرِ يُعْجِزُهُمْ

هل جادلوا في كتابٍ أنتَ مُنْشِيه؟

قالوا كَذَبَتَ، وطاروا منكَ سُخريةً

قالوا لَحَنْتَ، فكيفَ العشقُ يَفنيه

ثاروا عليكَ، كأنّ القومَ أوديةٌ

ثوارُ أفكٍ، كأنّ الحقَ تَشْريه

وأنت دُرتُهم، في عِقدهم علمٌ

وأنت قائدُهُم، يا أمة تيهي

سبوا النبي، فباءوا حسرةً سكنتْ

رُدتْ إلي النحرِ، يَسْري سُمُهَا فيه

قد أنكروا نسبا، من نسلهم حسدا

قد أنكروا نسبا الناس تَبغيه

للكونِ شمسٌ، أضاءتْ فجرَه ألقاً

أقمارُ ليلٍ دجى، والنجمُ راعيه

في قولك الحقُ ، تُعطي مثلُه مَثَلا

في قولك الصدقُ، من يرجو تعاطيه؟

ما كنتَ تأتي به خِزيا تُداهنهمْ

ما كنتَ تأتي به حقدا فَتُزْجيه

نامتْ عيونهُمُ عن صيدِ دَانيةٍ

لو أدركوه، فلا بلّغتَ قاصيه

قالوا سحرتَ عيونَ القومِ قاطبةً

أجلْ سحرتَ عيونَ الكونِ تَهْدِيه