مرحباً بلاد الشمس…ماضٍ مجيد وآمال مستقبلية واثقة
قريب الله محمد الباز
إن الحديث عن “بلاد الشمس” سوريا لا يمكن أن يبدأ ويكتمل دون الإشارة إلى مكانتها في التراث الإسلامي. فقد أحبها رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – ودعا لها ولأهلها. كما كانت الشام مهد الحضارات وموطنًا للعديد من الخلفاء والصحابة الذين ساهموا في نشر الإسلام وبناء حضارته. هذا الإرث العظيم يضيف بُعدًا آخر للآمال في أن تعود سوريا إلى مجدها، أرضًا للتاريخ والحضارة والسلام.
لطالما كانت سوريا واحدة من أبرز مراكز الحضارة والتجارة في العالم العربي، مستمدة مكانتها من موقعها الجغرافي الاستراتيجي وتاريخها العريق. قبل الحرب، كانت المدن السورية مثل دمشق وحلب تُعَدّ محطات رئيسية للتجارة الإقليمية والدولية، وجسورًا تربط الشرق بالغرب. كما أن طبيعتها الساحرة ومعالمها التاريخية والدينية جعلتها وجهة سياحية لا غنى عنها.
وفي منتصف شهر آذار (مارس) عام 2011، تغير المشهد بشكل جذري. سنوات الحرب الطويلة عصفت بالبلاد، وألحقت أضرارًا بالبنية التحتية وتراجع اقتصادها، مما أدى إلى مواجهات غير مسبوقة في المجتمع السوري. ومع ذلك، فإن الشعب السوري المعروف بصبره وشجاعته، يحمل دائمًا أملًا كبيرًا في إعادة بناء وطنه واستعادة مكانته الرائدة.
بصمة السوريين في الخارج هي أحد أبرز دلائل هذا الأمل، وهو ما شهده العالم العربي وأفريقيا وأوروبا من نجاحات السوريين الذين تشتتوا بعد الحرب. ففي دول مثل مصر، وبلادي “السودان”، وقطر، وغيرها، أثبت السوريون جدارتهم في التجارة وريادة الأعمال في الأسواق. من خلال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، أسهموا في تنمية اقتصادات هذه الدول. مهاراتهم العالية وحسهم التجاري انعكسا إيجابًا على بناء علاقات وشبكات اقتصادية متينة أينما وجدوا.
يقيني أن إعادة إعمار سوريا لن تأخذ وقتًا طويلًا. سوريا لن تكون مجرد مشروع هندسي أو اقتصادي؛ بل ستكون عملية شاملة تتطلب تعاونًا محليًا ودوليًا، وجهودًا متكاملة لتوحيد الصفوف وإعادة الثقة بين أبناء الوطن. وبلا شك، ستُسهِم خبرات السوريين في الداخل والخارج في تسريع هذه العملية، سواء من خلال الكفاءات المهنية أو الاستثمارات التي يمكن أن تعود إلى الوطن.
إن موقع سوريا الجغرافي وتاريخها التجاري، لا شك، سيسهمان في تحفيز النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات لها مرة أخرى، وإعادة رونقها وألقها. سوريا كانت وستظل جزءًا من ذكريات كثيرين ممن زاروا معالمها سائحين أو تجارًا.
ختامًا، نرفع أكفنا بالدعاء ونلهج بالدعوات الطيبات مع كل الأمل لسوريا وبلادي “السودان” والدول المكلومة، أن يعم السلام جميع أوطاننا، وأن تعود الأمة العربية والإسلامية مرة أخرى ساحة للتواصل وأكثر قوة، وجسرًا حضاريًا بين الأمم. سوريا ليست مجرد دولة؛ إنها قلب ينبض بالحياة والتاريخ، وعودتها إلى مكانتها أمر يستحق العمل والدعاء من الجميع. حفظ الله أوطاننا وشعوبها.